■ أسلافنا القدماء بين اللغتين البونية القديمة و الأمازيغية و بداية الغزو الإسلامي

■ أسلافنا القدماء بين اللغتين البونية القديمة و الأمازيغية و بداية الغزو الإسلامي
( مقال مفصل )
♤ في القرن الماضي طرح بعض المستشرقين الفرنسيين بعض الفرضيات حول إستمرارية اللغة البونية القديمة الى ما بعد الحروب البونيقية و سقوط قرطاج و بإجتهاد منهم قاموا بتفسير ما وصفوه بسلاسة تقبل الأمازيغ للإسلام بكونهم كانوا بونيين لغويا و قد زعموا أن البونية القديمة من المفترض تكون قريبة او مطابقة للعربية الحالية
♤ و تبنى بعض العروبيين السداج هذه الفرضيات
على اساس أنها حقيقة مسلمة مطلقة بل و تبجحوا بها في كتبهم في تناقض لإدعاءاتهم بمعادات فرنسا فكريا و ثقافيا على سبيل المثال المدعو عثمان سعدي في كتابه " الأمازيغ البربر عرب عاربة " الصفحة 13 . 14 :
《..مهد لسهولة قبول البربر اللغة العربية و الدين الإسلامي في القرن السابع ميلادي .. يرون أن اللغة البونيقية إستمرت قائمة ..كلغة تقافة و حضارة و دواوين حتى بعد تذمير قرطاج ..الى أن دخل العرب المسلون فحدث الوصل بين البونيقية التي هي عربية قديمة و بين العربية الحديثة التي طورها الإسلام ..》
♤ عند تناولنا لمعطيات هذا الإقتباس يتبدر الى أذهننا سؤال عن مصطلح " البونيقية " ما معناه ؟ و هذا بالضبط ما خصص له الدكتور كابرييل كامبس فصلا في كتابه " البربر ذاكرة و هوية " الصفحة 188 . 189 :
《 .. فإننا نلحظ منذ بداية قرطاج أن المدينة قامت قامت على كيانين متواجهين : المدينة التجارية المشرقية وما يشبه السيادة الليبية ومن إلتقاء هاذين الكيانين المشرقي و الإفريقي نشأ الواقع البونيقي ...》
وهذا أيضا ما ذهب إليه الدكتور عبد المنعم المحجوب في كتابه " رحلة حنون القرطاجي " و قد سمى البونية بالليبيوفينيقية او الليبية / الفينيقية و قال في الصفحة 15 :
《 ... الفينيقية في قرطاج إبان نشأتها ّ كمحطة أو وكالة تجارية للاتجار الفينيقيون يأتونها في مواسم محددة في السنة للإتجار والمقايضة مع الأهالي، فكان رسو سفنهم القادمة من صور ... ّعامة يلتقي فيها الطرفان فيعرضون...
سوقاً ّعامة ... واسستها كقرية ... جمعت بين المهاجرين الفينيقيين والأهالي الليبيين سكان شمال أسلاف الأمازيغ الحالييين ....》
خلاصة : البونية او البونيقية = مزيج بين التقافة الأمازيغية المحلية و التقافة الفينيقية المشرقية
????️و الأن بعد أن تعرفنا على معنى بوني أو بونيقي سنتطرق الى تحليل ما جاءت به المدرسة الفرنسية و العروبيون البعثيون أي حقيقة كون اسلافنا القدماء تواصلوا مع الغزاة المسلون بالبونيقية القديمة او " البونية "
منطقيا و تاريخيا يمكننا القول أنها مجرد فرضيات غير صحيحة قطعا فقد أكل عنها الدهر و شرب و ذلك لسببين اساسيين :
( بغض النظر على أن المؤرخون المسلمون الأوائل كإبن عبد الحكم المصري و البكري الأندلسي و الواقدي و سائر المؤرخون العرب لم يذكروا أي شيء عن البونيقية في كتبهم و لم يكن لهم علم بحقيقة ما حدث في شمال أفريقيا قبل القرن 6 ميلادي و إطلاقا لم يكن لأغلبهم إطلاع بما جاء في كتب من سبقهم من الرومان و الإغريق عن تاريخ الأمازيغ )
♤ الأول : جغرافية إنشار اللغة البونية
حسب روايات المسلمين ( المنطقية منها ) بلغت الجيوش الإسلامية من مواطن الأمازيغ في القرن 7 م من برقة الى طنجة اي طول الساحل المتوسطي الشمالي الى الخط الجنوبي الموازي لحدود موريطانيا الطنجية قديما ولا يوجد دليل قاطع على تجاوزهم لهذه الحدود لكنا تبقى مساحة هائلة ( بغض النظر عن الغموض الذي يلف هاد الحدث )
وفي الجهة المقابلة تكاد منطقة إنتشار اللغة البونية تنحصر في مدن ساحلية و لتحديد المجال البوني بشكل أدق لدينا إقتباس من دراسة الدكتور عبد اللطيف الركيك التي نشرها من العدد 11 من مجلة أسيناك العلمية الصفحة 16 :
《 ..ويمتد هذا المجال من عنابة بشرق الجزائر إلى مذابح فيلان بالسرت الكبرى ضاما باتجاه داخل الأراضي جزء من البلاد النوميدية بوسط وغرب تونس والشريط الساحلي الممتد بين السرت الصغرى والكبرى ..》
وللمزيد من التفاصيل عن المجال البوني : دراسة الدكتور عبد اللطيف الركيك، الحضارة القرطاجية بين المحلي والمستورد، أطروحة لنيل الدكتوراه في التاريخ القديم وعلم الآثار، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، 2007 الصفحة 57 - 79
وهذا ما يفند تماما أن الأمازيغ كانوا بونيقيين وتواصلوا مع المسلمين بالبونيقية
♤ الثاني : علاقة اللغة البونيقية بالعربية
لسانيا لا تعد البونيقية القديمة لجهة عربية و لا يمكن لأي شخص عربي حالي أو من بدو القرن السابع ميلادي أن يفهم اللغة البونية القديمة بدون مترجم وحتى لو إفترضنا أن الأمازيغ كانوا بونيقيين لا يمكن أن يتواصلوا مع المسلمين بدون مترجم فقد ثم التوصل الى القيم الصوتية للنقوش البونيقية القديمة و ثم فك شفرتها مند زمن و هي غير مفهومة ولو قليلا بالنسبة للناطق بالعربية
فيديو عن نطق اللغة البونيقية القديمة :
إيبيكرافيا كذلك لا تعد اللغة البونيقية لجهة عربية كما يدعون فمثلا نصب دوكا النوميدي المنقوش بالحروف البونيقية لا تبدوا انها نقوش عربية بل هي مستمدة من النظام الكتابي الفينيقي المستمد بدوره من النظام الكتابي التصويري المصري وهم ليسوا انظمة عربية
■ ما كان يجهله او يتغاضى عنه عثمان سعدي و سائر المدلسيين البعثيين هو تأكيد المؤرخين أن لغة الأمازيغ لم تكن تفهم للمسلمين إلا بترجمان و لدينا شهادة من القرن 8 هجري فقد قال المؤرخ أبو الفداء عماد الدين إسماعيل في كتابه " المختصر في أخبار البشر " الجزء 1 الصفحة 97 :
《 ..ولهم لسان غير العربي .. و لغاتهم ترجع الى اصل واحد و تختلف فروعها ولا تفهم إلا بترجمان ..》
و كل هذه المعطيات تدعم فقط الروايات التي تحدثث عن توصل الأمازيغ للإسلام في مرحلة مبكرة جدا او ربما قبل الغزو الأموي على الاقل او من جهة الأخرى تدعم فرضية الأصل المسيحي لإسلام ما قبل العصر العباسي

ما هو رد فعلك؟

0
like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow