رفيدة الأسلمية نموذج الطبيبات المسلمات الرائدات

رفيدة الأسلمية نموذج الطبيبات المسلمات الرائدات

قيام المرأة بكثير من المهام الحياتية المهمة لا يعني بالضرورة هذه الصورة النمطية المبتذلة لبعض النساء الموظفات؛ بل القصد أن تؤدي المرأة عملها بالضوابط الشرعية اللائقة بكرامتها وحيائها، شأنها في ذلك شأن المسلم أيضا، إذ لا يليق به أن ينخرط في وظيفة تحرفه عن دينه وشريعة ربه.

وإنما الفرق في كون الأصل في الرجل الخروج للعمل وكون الأصل في المرأة القرار في البيت للتربية، لكن هذا لا يعني ألا يشارك الرجل في التربية وعمل البيت، ولا يعني ألا تشارك المرأة في العمل العام.

فإن كنا نحارب التبذل والانحلال والاستغلال باسم الوظيفة، فلا ننسى تسليط الضوء على البدائل المشرقة للمرأة الموظفة العاملة:

ولقد كانت الصحابية الجليلة #رفيدة_الأسلمية نموذج المرأة المسلمة العاملة، وتفيد الروايات أن لها خيمة منصوبة تعالج فيها المرضى، وتضمد الجرحى، ولم يكن ذلك لعلاج سعد بن معاذ فقط، بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أصيب سعد قال: (اجعلوها في خيمة رفيدة حتى أعوده من قريب) [ابن هشام: 239/2].

وعند البخاري في الأدب المفرد [11381] ما يفيد أنها كانت معروفة بذلك: (حولوه عند امرأة يقال لها رفيدة، وكانت تداوي الجرحى)، والحال هنا ليس حال الضرورة كالحرب التي ينشغل فيها الرجال بالقتال.

ولم تكن #رفيدة فريدة ذلك العصر في مجالها، بل كان معها في مجالها: أم عطية، والربيع بنت معوذ، وأم رافع، ومعاذة الغفارية، وأمية بنت قيس، #وأم_العلاء_الأنصارية التي قالت عن وفاة عثمان بن مظعون: (فمرضناه حتى إذا توفي أدرجناه في أثوابه) [أحمد: 27457] وغيرهن.

ولم يكن عملهن طارئا أو عابرا، بل كان معدا له بمعنى الاحتراف، فقد قالت #أم_زياد_الأسلمية في خروجها هي والنسوة للجهاد: (معنا دواء للجرحى) [أبو داود: 2729].

وعلى خطاهن برز في التاريخ الإسلامي كثير من الممرضات والطبيبات، منهم من يعالجن أمراض النساء، ومنهن من يقمن على توليدهن، ومنهن من يصنعن الأدوية والمراهم، ومنهن من يقمن على نساء الخلفاء وغير ذلك.

#ذكر_الطبري في تاريخه عن أبي الحسن المتطبب قال: (جاءتني امرأة … فقالت لقد طفت لعلاج جرحي فوصفوا لي هذا المكان أريد أن تعالج شيئًا في كتفي قلت لها: أنا كحال وههنا امرأة تعالج النساء وتعالج الجراحات فانتظري مجيئها فقعدت .... فقمت معها إلى المتطببة لما جاءت أوصيتها بها فعالجت جرحها وأعطتها مرهمًا) [تاريخ الطبري: 103/10].

وقال ابن أبي أصيبعة عن زينب طبيبة بني أود أواخر الدولة الأموية: (كانت عارفة بالأعمال الطبية، خبيرة بالعلاج ومداواة آلام العين والجراحات مشهورة بين العرب بذلك) [عيون الأنباء: 181].

ويذكر عن #ابن_سينا أنه كان يستخدم قطرة للعين ركبتها امرأة خبيرة بصناعة الطب[حضارة العرب لأسعد داغر: 192]. وكانت ست الشام خاتون تشرف على (تصنيع بدارها أشربة وسفوفات وعقاقير بمبلغ عظيم ليفرق على الناس) [الوافي بالوفيات الصفدي: 75/15].

ومما وصف به #ابن_عذاري جارية الطبيب أبي عبد الله #الكناني: (...إلى المعرفة بالطب وعلم الطبائع ومعرفة التشريح وغير ذلك مما يقصر عنه علماء الزمان).

وفي ترجمة #ابن_حجر للطبيب #المنعم_الطنجالي، لم ينس ذكر ابنته #زينب الطبيبة أيضا فقال: (وهو والد الطبيبة الأديبة أم الحسين) [الدرر الكامنة: 215/1].
ووصفها وأباها قبل ذلك ابن الخطيب فقال: (درسها الطب ففهمت أغراضه، وعلمت أسبابه وأعراضه، ولم يزل يتعهدها بالتعليم والتخريج وينقلها بحسن التدريج، حتى نظمت الكلم، وداوت بالسبك المعنه الألم) [ريحانة الكتاب: 410/2].

ويذكر كذلك أن #ابنة_شهاب_الدين_بن_الصائغ تولت مشيخة الطب بدار الشفاء المنصوري بعد والدها [تاريخ البيمارستانات: 106].

وذكر عن الطبيب #ابن_زهر المشهور أن أخته أم عمرو وابنتها كانتا تعملان بين يديه في مراكش فيما يخص طب النساء، وصفهما ابن أبي أصيبعة بكونهما: (عالمتين بصناعة الطب والمداواة، ولهما خبرة جيدة بما يتعلق بمداواة النساء) [عيون الأنباء: 524].

ومن الطبيبات المغربيات المشهورات عائشة بنت الجيار، قال عنها عبد الله گنون: (هي الطبيبة البارعة عائشة بنت الشيخ الكاتب أبي عبد الله بن الجيار المحتسب بسبتة، قرأت الطب على صهرها الشيخ الشهير أبي عبد الله الشريسي ونبغت فيه) [النبوغ المغربي: 215/1].

فالظاهر أن كل الأطباء المسلمين المشهورين كانوا محاطين بنساء طبيبات غالبا ما يكن من محارمهم مراعاة للضوابط الشرعية.

وحتى وظيفة التوليد التي قد نعتبرها طبيعية وتحصيل حاصل، قد كانت النساء يمتهنها ويحترفن صناعتها، فوصفت أم آسية القابلة ب: (حذق صناعة ولطف في مهنة) [حسن العقبى: 137 ].
ومما يدل على الاهتمام بهذه المهنة والبراعة فيها أنه نسب إليها بعض الأعلام كابن الداية صاحب الكتاب أعلاه، والداية القابلة، وكعلي ابن أبي بكر الصنهاجي المعروف بابن الطبيبة.

ومن النساء من ذكرن بعمل الخير والإحسان والوعظ مع العمل في تطبيب النساء، كما ذكر السخاوي عن #أم_مفيد_هاجر بنت محب الدين العقيلي، فبعدما وصفها بالمشيخة قال: (وكانت مع ذلك  قابلة للنساء)، وقال عن #أم_الخير إحدى العالمات المجيزات: (قابلة لأعيان نساء أهل البلد) [الضوء اللامع 114/12].

هذا غيض من فيض، ومع استحضار مقصد مهم، وهو قلة الترجمة للعالمات المسلمات رعاية لمقامهن في الحياء والتستر .

والحمد لله رب العالمين.

ما هو رد فعلك؟

0
like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow