الامتداد الجغرافي و التاريخي لقبيلة لمتونة أو لمطة و تميز المرأة بها

الامتداد الجغرافي و التاريخي لقبيلة لمتونة أو لمطة و تميز المرأة بها

المرأة الأمازيغية في صحراء ليبيا تعزف على الآلات الموسيقية التي تصنعها أناملهن المبدعة، وهي عادة قديمة جدا عند الامازيغ حيث تعزف النساء على اوتار أردين دون الرجال. في الوقت الذي تقمع فيها المرأة وتحرم من الموسيقى والرقص والعزف لدى مجتمعات أخرى ولاتزال بعض الأصوات تدعو إلى تحريم الموسيقى على النساء وامتهانهن للفنون. 
هذه الصور التقطت اليوم بمدينة إغرم القديمة بالبركت جنوب ليبيا في إطار مهرجان غات. وللإشارة مدينة البركت هي عاصمة مجموعة إلمتين التي تسمى عندنا في المغرب بلمطة التي أسست  إمارة سياسية امازيغية بالجنوب عاصمتها "نول لمطة" والتي لا تزال بعض اطلالها بقرب من قرية أسرير بتخوم مدينة أگلميم، ومن المدينة اشتق الاسم حوض وادي نون الحالية. وكانت مدينة نول عاصمة سياسية وتجارية مهمة شمال صحراء صنهاجة، وحسب ما تذكر المصادر والدراسات أن مجموعة لمطة إلمتين التي يتم تصحيفها إلى لمتونة في المتون العربية، كانت لها علاقات تجارية متينة مع شعوب كثيرة عبر مرفأ بحري يوجد على ساحل المحيط الأطلسي.
السؤال الذي لم يستطع الباحثون في التاريخ والانثروبولوجيا والآثار، هو هل لمطة إلمتين المستقرة بمدينة نول قادمة من الصحراء وخاصة جنوب ليبيا الحالية؟ أم أن التي توجد حاليا بالبركت بليبيا هي التي قدمت من المغرب الأقصى؟كيفما كان الجواب، فالمؤكد هو أن مجموعات إيزناگن الكبرى، إكدالن/ كدالة، وإلمتين/ لمتونة وإمسوفن/ مسوفة تفرقت في الصحراء وكانت تتحرك على مجالات شاسعة ومتددة في الصحراء الكبري، وكانت تنتقل بين السودان وشمال الصحراء. وقد عرفت حركية مجالية كبيرة في التاريخ بعد صعود وبناء الدولة المرابطية، وحصل أن وصلت هذه المجموعات الصنهاجية الكبرى إلى الاستقرار في الأندلس جنوب اسبانيا الحالية. بل تصف المصادر الأندلسية دولة المرابطين بدولة لمتونة، وكادت أن تعرف بهذا الاسم فقط دون غيره في جل مناطق ومدن الأندلس.
بعض المصادر والدراسات المتخصصة في تاريخ التوارگ، تقول أن مجموعة إلمتين المتواجدة حاليا في جنوب ليبيا هي    امتداد وفرع من فروع المجموعة الصنهاجية الكبيرة لمتونة التي ساهمت في بروز دولة المرابطين. وحين نعود إلى المصادر الوسيطية فيصعب علينا كثيرا توطين المجال الجغرافي الذي تتحرك فيه لمتونة قبيل وبعد صعودها من الصحراء وبناء دولة المرابطين وتأسيسها للعاصمة مراكش.
"فريدريك دولاشابيل" مثلا يقول أن لمطة التي استقرت بعاصمتها نول ضواحي أگلميم الحالية جاءت من عمق الصحراء، يسير على نهجه الباحث مصطفى ناعمي، دون إعطاء تفاصيل كثيرة، وتحديد المجال بالضبط. 
لكن ما يجب الانتباه إليه، هو أن ما يصطلح عليه لمطة هي تصحيف وتعريب لتسمية إلمتين ولمتونة، وتأسيس إمارة تجارية وسياسية في نول شمال الصحراء بالجوار مع جزولة، يمكن اعتباره المحاولة الأولى لمجموعة لمتونة لتأسيس دولة كبيرة تجمع الصحراء بالمتوسط والاندلس. ونستحضر هنا أنه بعد سقوط المرابطين في مراكش وطردهم منها من قبل الموحدون عاد ما تبقى منهم إلى مدينة نول لمطة وأسسوا بها إمارة سياسية وعسكرية لمعاودة الهجوم على الموحدين، لكن عبدالمؤمن الگومي طاردهم وهجم على نول واعتقل نسائها وتم اقتيادهن إلى مراكش، ( أنظر البيذق).
مما يعني أن مشروع الإمبراطورية الأمازيغية الكبيرة بدأ في أول أمره من نول، وهذا ليس بغريب إذا علمنا أن الإمبراطورية المرابطية بدأت فعلا من الشمال من قبل زعيمها الروحي وگاگ أوزلو اللمطي، الذي بعث بتلميذه الشيخ عبدالله بن ياسين وينزار الجزولي ابن منطقة تامنارت، وهو الذي تمكن من قيادة مجموعات إيزناگن من عمق الصحراء للزحف نحو الشمال بدءا من إسقاط إمارات سياسية كانت تهيمن على الخطوط التجارة الصحراوية، وبدأوا بدخول سجلماسة ثم أغمات.
يتظهر لنا بعد هذا الاستقراء التاريخي الطويل، أن لمتونة/ لمطة، لم تستطع تحويل الإمارة السياسية التجارية الصغيرة بنول لمطة، اگلميم حاليا، إلى دولة كبيرة قادرة على توحيد بلاد الأمازيغ من الصحراء إلى الشمال ثم التحكم في التجارة من المنبع السودان إلى المصب أوروبا أي الأندلس. في بداية الأمر لم تتمكن من ذلك، لكن اهتدت لمتونة إلى الحلول الكمينة لتحقيق ذلك بعد أن وضعت اصبعها على مكمن الخلل، وهو غياب الدعوة الدينية أو انعدام المذهب الديني بصريح العبارة. هنا تفطن وگاگ أوزلو دفين أگلو الحالية التي كانت جزءا لا يتجزأ من مجال لمطة ومجموع ازغار تزنيت، وانضم إلى المذهب المالكي بعد قراءة دقيقة للوضع في المغرب الذي كان يعيش في ظل انقسام الأمازيغ على المذاهب الدينية وتعددها، بين الخوارج بتعدد أنواعهم وضروبهم  كالصفرية والاباضية والشيعة وكذلك وجود المذهب البورغواطي الذي يختلف عن المذاهب الأخرى. ونعرف من خلال كتاب التشوف أن وگاگ أوزلو اللمطي هو تلميذ لشيخ اوتيسيت بمدينة نفيس التي كانت ضمن مجال إمصمودن وغير بعيدة عن البورغواطيبن إن لم نقل تابعة لهم. اذن إرسال وگاگ لتلميذه عبدالله بن ياسين إلى مجموعات إيزناگن بالصحراء لتعليمها الشريعة الإسلامية ما هي إلا عملية تلحيم المشروع السياسي الصنهاجي الامازيغي بالدعوة الدينية ليصبح الغزو مشروعا تحت راية الجهاد المقدس. ويتضح ذلك في غزو مدينة سجلماسة وهي مدينة إسلامية ومسالمة آنذاك.
نعود ونقول، أن المجموعات الأمازيغية بالصحراء الكبرى كانت لها دائما روابط الوحدة مع الشمال، فلم تكن هنالك قط، حدودا سياسية بين الصحراء وشمالها، لأنها تسكنها وتقطنها مجموعات أمازيغية متنوعة ولكنها واحدة، تنتشر على جغرافية صحراوية شاسعة، ولم يحصل ان تكون هنالك حدودا بينية إلا بعد مجيئ الاستعمار الذي بدأ يرسم ويخطط الحدود من مدينة الجزائر سنة 1830، ثم بمدينة دكار بالسينغال. والدليل هو وجود مجموعة إلمتين/ لمتونة في جنوب ليبيا كما توجد حاليا في المغرب بضواحي أكلميم كما نجد مجموعة لمطة / لمتونة في جبل ضواحي مدينة فاس، وتتواجد أيضا في منطقة سوسة بتونس. 
عبدالله بوشطارت.

ما هو رد فعلك؟

0
like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow