منبع الوعي: رحلة التأمل نحو الإدراك العميق

منبع الوعي: رحلة التأمل نحو الإدراك العميق

مقال جديد :  حالات الوعي 
قراءة ممتعة
‐-----
 إن التأمل هو الصلاة الأولى التي عرفتها البشرية، وهو الحالة التي تشكلت منها الأديان وطرق التعبد... ، أن يقطع المتأمل أشواطا في الوعي حتى يصل الى حالة التجسيد أو الطريقة...، ألم يكن النبي محمد متأملا منضبطا في غار حراء!؟ يجلس لساعات طوال وهو يَصِل الليل بالنهار في حالة سكون تام،  يقال كان يتفكر في الموجودات ويسأل عن مصدرها...، لكني  أرجح أنه لم يكن يفكر في أي شيء،  يجلس ساكنًا ، صامتًا ،  في مكان مغلق ومظلم ...ولو أراد التأمل في الشمس والقمر وتجسيدات الوجود في الطبيعة لآختار فضاء مفتوحا وليس مغلقا...
المعرفة تحتاج للفراغ الذي يحدثه الصمت ، تحتاج للظلام الذي يعتبر ضروريا لندرك النور، فالمتناقضات وجهان لعملة واحدة ، ولن يرى في النور الا من إستطاع مسبقا البصر في الظلام،  ففيه يحدث الخلق، ويُمكن التواصل بالخالق...، هذا التواصل الذي لا يمكن التكهن بطريقته، فسره يكمن في التجسد بعد الوصول الى نقطة ما من الوعي...
النبي محمد هو حالة وعي ، تمكن من خلال الوصول اليها الى ربط الإتصال بالخالق الذي مدِّه بمنهاج للرقي والترفع على الأرض، وتوجيه مسار البشرية لعبادة الخالق لأنها الطريقة الوحيدة التي سيحقق بها انسانيته ويدرك بها حقيقته...
سنأخد كذلك على سبيل المثال "  كوتاما بوذا "و يسمى أيضا بالمستنير أو المتيقظ، والذي  وصل الى هذه المرتبة من الوعي بعد أن قطع أشواطا في الزهد والتأمل وترْكِ ما لديهم...، وتمكن من الوصول الى منهاج يمكن الإنسان من الوصول الى " النيرفانا "،  وتعاليم تقوم على ضبط النفس..، والتحرر من الجهل وإدراك الذات...

إن حالة الوعي وحالة الخلق حالة فردية وليست جماعية، فالجماعة يمكن أن تنتج شيئا مما هو موجود سلفا ، لكن الفرد يمكن أن يخلق من اللاشيء ، من إسكات العقل والتأمل في الظلام الدامس، بعيدا عن مظاهر العيش البسيطة التي انتجها الإنسان بعقله القاصر وليس بوعيه المحض...
وحتى اتباع طريق المتنورين .. لا يوصل الى نتيجة، بل هي تجربة جوفاء لأنها تخرج عن عمقها الروحي لتصبح تجربة مادية يحضر فيها الجانب المظلم من الانسان ، وقد يقدس الانسان الطريقة وصاحبها وينسى المصدر وهو الخالق...الذي لن يعرفه حقا الا من خلال تجربة جوانية...
إن مراتب الوعي التي وصل اليها المتأملون عبر الزمان تختلف من متأمل إلى آخر ...وهناك من يقول بين النساء والرجال ، وهذا طبعا لا اتفق معه لكني سوف أكتب عنه ليعرف القاريء ما يقال في هذا الصدد ،  يقال إن الميكانيزم الجسدي للمرأة لا يسمح لها بتجاوز  مرتبة العشق الالهي في الوعي أي انها تتوقف عند شاكرا القلب ولا تتجاوزها ونذكر على سبيل المثال  المتصوفة رابعة العدوية ، كما أن   النساء يرمز لهن بألهة الحب في الحضارات القديمة مثل الالهة أفروديت والربة ايزيس في مصر القديمة وزوجة شيفا في الهند، وهناك من الرجال من  يقفون عند هذه المرتبة ان لم تكن لديهم  الرجولة الكافية مثل الحلاج شهيد العشق الالهي...وهذا ليس انتقاصا منه فنحن هنا نتحدث عن مراتب الوعي التي لا يستطيع أيا كان الوصل الى أعلاها وهي مرتبة التنور وفتح العين الثالثة ، وهي نفسها البصائر في الدين الاسلامي وورد ذكرها في القرآن في قوله تعالى : فكشفنا عنك غطاءك  فبصرك اليوم حديد، والبصر غير النظرطبعا...
إن فتح العين التالثة وفتح البصائر يعقبها غالبا الموت اذا لم يكن الإنسان مستعدا ، او لم يصل إليها بعد التدرج فيها..، لكن المدركون المتيقظون والمستعدون يمتلكون بعد هذه المرحلة البركات والكرمات الالهية ، ويمدهم الله بطاقة الخلق والتغيير ...، ويتوقفون عن البحث عن الله لأنهم يدركونه.....
-------
زينة أقللوش

ما هو رد فعلك؟

0
like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow