محمد بنميلود: الأديان صناعة بشرية !

محمد بنميلود: الأديان صناعة بشرية !

من الآخِر:

الأديان كلها بشرية دون أي استثناء. لا توجد أديان سماوية وأخرى أرضية أو بحرية. كل الأديان والشرائع والقوانين منبعها ومصدرها هو البشر والطبيعة. لذلك تبدو بشرية وطبيعية بوضوح، ترقى أحيانا وتندحر أحيانا أخرى، تتطور زمنا وتتدهور زمنا آخر، ثم مصيرها الأكيد هو: الموت والزوال ككثير من الأديان والمعتقدات التي لم يبق منها سوى الأثر. على رأي ال بوذا: حتى الآلهة نفسها تخضع للكارما، تولد، تحيا وتموت..
اليهودية والمسيحية والإسلام أيضا أديان بشرية. صنعها بشر ونسبوها إلى السماء دون أي أدلة.
سوى أن كل ديانة من هذه الديانات الثلاث تطورت بطريقتها الخاصة، بشكل مختلف.
لم تعول اليهودية على الكثرة بل على القلة، لم تعول على الكم بل على الكيف، لذلك ظلت مغلقة كمحفل ماسوني، إنها ديانة غير تبشيرية، ديانة لا ترحب بأتباع جدد مجهولي العرق والهوية، ديانة عرقية بامتياز. هنا تكمن قوتها. إنها عرق وليست فكرا، بالتالي تدوم ما دام العرق وتبقى في كل الأحوال والنوازل وحتى في عز الأزمات يظل اليهودي يهوديا حتى وإن لم يبق كذلك: إنه يهودي بالولادة.
المسيحية لم يعد يهمها كثيرا أن تبقى أو أن تزول. لقد أدت دورها في صناعة أوروبا وانتهى الأمر. بل لقد تحولت بقليل من السلاسة من دين إلى نظام دولة. هل العلمانية شيء آخر غير تطور المسيحية؟ إنها ديانة مطاطة، "إيلاستيك" كسروال تلبسه النحيفة والبدينة، ديانة غير متمركزة على ذاتها، قابلة للزوال بكثير من السلاسة، يمكننا هنا استثناء المسيحية الشرقية فقط التي تطورت في اتجاه آخر بروح إسلامية. تطور في اتجاه انفجار.
أما الإسلام وهو بيت القصيد هنا فعكس اليهودية يعول على الكم عوض الكيف، منذ بدايته إلى اليوم، لذلك يظل وجوده مرتبطا بالظروف التاريخية كما زواله أيضا. ما دام هناك كم سيظل موجودا، لكن دون أي قوة تذكر، إذ القوة مصدرها الكيف وليس الكم. في زمن ما كان للكم قيمته صعد الإسلام وازدهر وتوسع، أما اليوم فهو في نزول اضطراري سريع ومحتوم في اتجاه نهايته، نزول سريع ليس قياسا إلى أيامنا بل إلى أيام الآلهة.

هذا كل شيء، بوضوح شديد وبحياد حين تقبل أن ترى في المرآة حقيقتك وليس ما تتوهم. إنها الحقيقة، سطوعها شمسيّ حين تحدق فيه يعميك..

ما هو رد فعلك؟

4
like
0
dislike
2
love
2
funny
0
angry
0
sad
0
wow