قفزة أيديولوجية من المرحلة اللاهوتية إلى ما بعد الحداثة تربك المجتمع المغربي

*** قراءة شخصية فالواقع المغربي (une grille de lecture parmi d'autres) :

إلى كانت المجتمعات الغربية مرت من المرحلة اللاهوتية لي تميزت بسيطرة الفكر والأخلاق المسيحية على العقل الجمعي. إلى الحداثة modernism، لي هدمت المرجعيات الدينية وعوضاتها بمرجعيات حداثية مبنية على مركزية العقل، وعلى مفهوم الفرد individu كوحدة أساسية كتستمد المشروعية ديالها من العقل، من التفكير بدون وساطة خارجية، والتعاقد الإجتماعي. فإن الحربين العالميتين والأزمات الإقتصادية والإنسانية لي رافقاتها، الحرب الباردة والثورات والإنقلابات السياسية لي خلفاتها فالعالم، والتحول ديال الأنظمة الشيوعية والإشتراكية لأنظمة شمولية، خلقت شرخ كبير فطرح الحداثة والوعود الطوباوية ديالها، وأدت لبروز فكر جديد بداية من الستينات والسبعينات، فكر ما بعد حداثي postmodernism — أو كيما كيتسمى كذلك بالحداثة السائلة fluid modernity — مائع، كيشكك فالكليات universals وفال progress وكيصرح بشكل علني ومباشر بالسذاجة ديال ال Grand narratives ديال الحداثة وإستحالة التطبيق ديالها على أرض الواقع.

مابعد الحداثة نتجات فكر كيتميز بغياب مرجعيات صلبة وطغيان النسبية relativism والتعددية الثقافية multiculturalism لي نتج فكر شكوكي متطرف skepticism تحول لعدمية nihilism وغياب المعنى meaninglessness، لي كتعتابر أوضح معالم ال décadence ديال الحضارة. 

الواقع المغربي كيختالف شيئا ما من حيت السيرورة التاريخية، فالمغرب الآن كيعيش قفزة عشوائية من المرحلة اللاهواثية مباشرة لمرحلة مابعد الحداثة postmodern era دون المرور من المرحلة الحداثية، والإستفادة من الإرث ديالها الفلسفي والعلمي والثقافي. 
 
بعد تصفية الإستعمار جغرافيا، المغرب دخل تدريجيا فمرحلة تحديث الهياكل الكبرى للدولة، بحال الإدارة والتعليم والبنيات التحثية ... إلخ. إلا أن ما يسمي بالمغرب الحديث فال littérature académique فنظري غير موجود، المغرب أكيد استفاد من منتوجات الحداثة (التكنولوجيا، أدوات التسيير، الممكننة، وال automatisation، الترسانة المفاهيمية ...) دون ما يكون فعلا استوعب اللب والجوهر ديال الفكر الحداثي، لي فالأصل دعوة لتقويض الأسس الميتافيزيقية لي مبني عليها العقل المغربي، وبناء أساس جديد صلب كيعتمد على العقل وكيحفز التفكير، كيستثمر فالعلوم والفلسفة وكينتج معرفة وثقافة ويبني ال individu. الأصح أننا مستهلكين لبعض منتوجات الحداثة، خصوصا المنتوجات المادية material commodities ، لهذا كنفضل نجول انه المغرب عرف التحديث ماشي الحداثة. 

العقل المغربي ديال (2023) عبارة عن logiciel كيتشكل من مزيج تقليدي ومابعد حداثي، الشيء لي كيولد التناقض والسكيزوفرينيا لي كنلاحظوها فالمجتمع، فالعقل مابعد الحداثي عقل دون مرجعية صلبة، كيميل للتعدد والتحرر émancipation من البنيات الإجتماعية social structures السائدة وكيكشف السلطة الرمزية symbolic power المخفية وراء هاد البنيات والتأثير ديالها على حياة واختيارات الأفرد. بينما الفكر اللاهوتي فكر عقدي dogmatic كيأمن بوحدة الحقيقة وإمكانية الوصول إليها، هو فكر محافض منغلق على نفسو كيحاول ي perpétuer نفس البنيات والأنماط الإجتماعية والثقافية. 

ببساطة هاد الفكرين ما يمكنش يتجمعو فعقل واحد بدون ماينتجو كائن معقد متناقض (cognitive dissonance) كيخرج من المسجد ويدخل للبار، باغي يعيش free relationships وباغي يتزوج زواج تقليدي محافض، كيأمن بنسبية الحقيقية العلمية والفلسفية، وفنفس الوقت باليقين المطلق للعقائد لي كيعتانقها ، باغي يعيش حياة الفرد الغربي و يموت الموت ديال الصحابي  .... وهلم جرا، التناقضات لاتنتهي ويمكن نخصص ليها مقال طويل فحد ذاتها.

هاد النقلة العشوائية الغير مخطط لها بشكل سليم ولي كانت نتيحة عرضية byproduct للعولمة mondialisation، كتفرض على المجتمع يعاود يدير إعادة التنظيم réorganisation لنفسو بنفسو فظل غياب أي تأطير من الأعلى، من الجامعات والمثقفين intellectuals لي فغيبوبة تامة من التغيرات الكبيرة لي كيعيشها الإنسان والمجتمع المغربي. ومن هاد الزاوية كنشوف أن كاع التيارات والحركات المغربية لي كتداعي أنها ذات توجه حداثي، فالحقيقية عندها توجه مابعد حداثي، لأن مجمل القضايا لي كتدافع عليها قضايا مرتبطة بالأيديولوجيات المابعد الحداثية، بحال ال sexual emancipation ال feminism وال wokism وحقوق الأقليات ... الخ.