في سلسلتها عن فن العيش المغربي تستكشف نوال بلحسين رمزية السكر عند المغاربة

في سلسلتها عن فن العيش المغربي تستكشف  نوال بلحسين رمزية السكر عند المغاربة

 
#فن_العيش_المغربي   (3) #السكر
                      (#سكر_القالب_المغربي)
بذاكرة كل مغربي موقف مع قالب السكر اما بيوم عرسه او يوم خطبته او خطبتها بيوم صلحه او يوم شراء البيت او يوم صلح او حتى بايام العزاء بالسبوع  السكر المغربي ليس سكرا كما هو بالعالم كله بالمغرب السكر له رمزيه في الفتح والحزن بالسكر يتصالح الخصوم بالسكر تتسهر العائلات بالسكر كنا نعود المرضى بالسكر عندما يدخل طفل بيتا ما اول مره نعطيه سكرا السكر هنا ليس له مثيل لا شكلا ولا مكانه اجتماعيه السكر هنا سيد المكان والزمان لا ابالغ ان قلت انه سيد الاجتماعات بل هو سيد جلسه الشاي 
‭ ‬يتخذ‭ ‬شكل‭ ‬هرم‭ ‬مخروطي‭ ‬مصقول‭ ‬ويوجد‭ ‬في‭ ‬قاعدته‭ ‬تجويف‭ ‬صغير‭ ‬دائري‭ ‬الشكل‭ ‬وفي‭ ‬قمته‭ ‬ثقب‭ ‬صغير‭.‬‭ ‬يزن‭ ‬كيلوجرامين‭ ‬اثنين
‭ ‬ويعبأ‭ ‬في‭ ‬لفافة‭ ‬بيضاء‭ ‬من‭ ‬الداخل‭ ‬ويتشح‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬بورق‭ ‬أزرق‭ ‬اللون‭  
 ‬يفضله‭ ‬المغاربة ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬سكان‭ ‬البوادي ‭ ‬على‭ ‬باقي‭ ‬الأنواع‭ ‬ويستهلكونه‭ ‬بِنهمٍ‭ ‬كبير‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬550‭ ‬ألف‭ ‬قطعة‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬أما‭ ‬سر‭ ‬الإقبال‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬السكر‭ ‬فهو‭ ‬أمر‭ ‬يتجاوز‭ ‬مذاقه‭ ‬الفـريد‭ ‬ليـرقى‭ ‬إلى‭ ‬مـوروث‭ ‬ثقـافي‭ ‬ضـارب‭ ‬في‭ ‬العراقة
 حتى تكسير السكر كان لنا فيه ذكريات جميلة في الزمن الجميل المهرسة التاريخية من النحاس او الفضة او حتى تيمومة الصلاة واحيانا بكؤوس الشاي
هذه العادة التي نقرضت من كثير من البيوت هي والربيعة ديال الخشب او النحاس 
 ونحن صغار كنا ننتظر عمليه تكسير السكر يقوم بعملية تهراس قالب ابي او جدتي فهما من كان عاده يقومان بتحضير الشاي للضيوف وأنتظر لأخد المهرسة لألحسها واخد تلك القطعة لي كانت كتبقى ملتصقة تسمى ب (مخ السكر) اغلب المغاربه عاشوا هذه اللحظات الجميلة التي كونت ذاكرتنا
*(#الصوفية والسكر)*
وللصوفيه والتصوف في بلدنا علاقه قويه مع قالب السكر وبالتالي مع الشاي لهم كل الامتنان فالفضل يرجع لهم في شربنا للشاي والا كانت حرب الفقيه على هذا الاخير قويه وكانت لتجعل المغاربه محرومين من كل هذا الزخم وهذا التراكم الحضاري لولا الصوفيه لما كان شاي او سكر
هذه العاده المعروفه بتحضارت او السلكة او الطبله كنايه عن الطاوله التي يطوف حولها الذاكرون في حلقه الوصل مع الله 
في كثير من المناطق بسوس والبوادي المغربيه هذه العاده تختلف تسميتها بالطبله او تحضرت او الدور او السلكه او الختمه وذلك حسب مناطق المغرب 
حيث يجتمع مجموعه من الذاكرين المتصوفه لقراءه اجزاء من القران بحلقه او حلقتين او ثلاثه او اربعه على حسب اجزائه الستون
يجلسون وامامهم قالب من السكر ويبداون بالسلكه وعندما تكتمل قراءه اخر جزء من الكتاب يتم تكسير هذا القالب لقطع صغيره لياخذه من اجتمع اصحاب السلك للدعاء له ولطلب التوفيق له افك ضيقه
  ليقوم هو بدوره بتحضير الشاي لمده شهر بهذا القالب المكسر الذي باركه اهل الزاويه بالسلكه التي ختموها على هذا القالب من السكر الرمزيه هنا والدلاله ان السكر ياخذ مكانه كبيره عند المغاربه ان كان في الاعراس او الماتم او في قضاء الحاجه
*(#فضل سوس وتارودانت على السكر وعلى المغرب)*
وتبقى سوس عاصمه السكر بامتياز وعاصمه التصوف بامتياز بها اول معامل السكر بالضبط بتارودانت المدينه العظيمه بسورها وسكرها 
ولان قالب السكر موروث ثقافي تاريخي ازدهرت صناعته في سوس منذ القرن التاسع سيتسائل البعض لماذا سوس بالضبط ساقول لهم ان الحضاره بالمغرب بدات من الجنوب وليس من الوسط او الشمال
وسارفق هذا البحث بصور لاقدم المعامل بالمغرب معامل و معاصر السكر في تارودانت
صناعة السكر كانت أظخم صناعة في تاريخ المغرب خصوصا خلال الفترة السعدية هذه المادة الحيوية اللي كان تم تصديرها عبر ميناء آكادير نحو عدة دول أوروپية مقابل المواد الخام لبناء القصور و المعالم الكبيرة خلال تلك الفترة و مقابل الأسلحة التي امتلكها المغرب ودافع بها عن ارضه في أغلب المعارك
السكر لم يكن مجرد مذاق حلو يضاف الى الشاي او لاي مشروب اعشاب اخر بل كان قوه يفاوض بها المغرب ويحكى ان الملك الىزابيت الأولى فقدت اسنانها من كثره ادمانها على قالب السكر المغربي السكر المغربي الذي عرف بجودته ونقائه هذه الجوده هي ما جعلته يتربع على عرش السكر بذلك العصر
تشير‭ ‬المصادر‭ ‬التاريخية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬عرف ازدهارا في‭ ‬زراعة‭ ‬قصب‭ ‬السكر‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬للميلاد ‬غير‭ ‬أن‭ ‬ازدهار‭ ‬إنتاج‭ ‬السكر‭ ‬بهذا‭ ‬ وفي وفي مصادر اخرى بدات زراعته قبل هذا الوقت الا ان اوجه وقوه حضوره كان بالقرن التاسع عشر
‭ ‬حدث‭ ‬بين‭ ‬القرنين‭ ‬16‭ ‬و17‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬السلطان‭ ‬المنصور‭ ‬الذهبي‭ ‬السعدي‭ (‬1578-1603‭ ‬م‭
 ‬حتى‭ ‬أصبح‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الزمن‭ ‬مركزا‭ ‬مهما‭ ‬لإنتاج‭ ‬مادة‭ ‬السكر‭ ‬وتصديرها‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬العالمي‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬السعديون‭ ‬يصدرونه‭ ‬إلى‭ ‬الإنجليز‭ ‬والفرنسيين‭ ‬مقابل‭ ‬الأسلحة‭
 ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬الازدهار‭ ‬تراجع‭ ‬كثيرا‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬لأسباب‭ ‬كثيرة‭ ‬ومعقدة  ‬لعل‭ ‬أبرزها‭ ‬الثورات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬عمال‭ ‬السكر‭ ‬في‭ ‬المزارع‭ ‬والمصانع
. ‬وهكذا‭أ ‬فقد‭ ‬البلد‭ ‬كل‭ ‬الخبرات‭ ‬التي‭ ‬راكمها‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬ازدهار‭ ‬تلك‭ ‬الصناعة  ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أصبح‭ ‬مستوردا  ‬لها‭ ‬بنحو‭ ‬متصاعد‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬19‭ ‬وحتى‭ ‬اليوم‭
استورد‭ ‬المغرب‭ ‬55‭ ‬بالمئة‭ ‬من‭ ‬حاجته‭ ‬من‭ ‬السكر‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2012‭
 ‬لكن‭ ‬التقاليد‭ ‬المرتبطة‭ ‬باستهلاك‭ ‬هذه‭ ‬المادة‭ ‬وبخاصة‭ ‬نوع‭ ‬القالب‭ ‬ظلت‭ ‬متأصلة‭ ‬في‭ ‬العادات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬للمغاربة‭ ‬حتى‭ ‬اليوم
اما يوم الحناء تاكيد فهو يوم السكر بامتياز فلا يمكن ان يمر هذا اليوم بدون ان تزين قوالب السكر وتوضع مع الحناء والبيض بجانبه طاولت العروس كنوع من الفعل الحسن ان تكون حياتها الزوجيه حلوه كمذاق السكر وان تكون بيضاء كبياض السكر 
ولا يمكن ان يمر جهاز العروس او ما يسمى بالدهاز امام الناس في العربات او على رؤوس النساء في الطفور الفضي والنحاسي قوالب من السكر واحيانا اكياس من القنب ذات 32 قالبا من السكر ويقال ان كل من تزوجوا على هذا يصعب ان يفترقوا لان القوالب تاتي مربوطه بحبل قنب وهو فعل حسن للعروسين بوجود ذلك الرباط الذي يربط السكر فيكون فعلا بان يدوم بينهم رابطه الزواج
‭ ‬ ‬إذ‭ ‬يقاس‭ ‬مدى‭ ‬تشريف‭ ‬العروس‭ ‬وإعلاء‭ ‬شأنها‭ ‬بكمية‭ ‬السكر‭ ‬المهداة‭ ‬لها 
لا يمكن ان نقول عن السكر الا انه الداخل بخيط ابيض بين المتخاصمين يحقن الدماء بين المتشارعين لا يمكن ان تزور مغربيا بدون ان تحضر معك سكر فهو رمز للسلام والتسامح ونقاء السريره السكر وحده يقبر الخلاف وحده يؤلف بين العرسان وحده السكر يجعل من العدو حبيبا في المغرب
وحده السكر حاضر بالعزاء والتابين والاربعينيات فهو عربون محبه ووفاء لروح المتوفى وهو مواساه لاهله بل وهو دعم مادي للاهل فالسكر قديما كان له قيمه ماديه عليا اذ يتم مقايضته مع التجار فثمنه لا يسقط وهو شيء لا يمكن ان يفسد مهما طال مقامه بالبيت فيكون كالاموال ببيت الارمله يساعدها على ان تغطي بعض النفقات هذا ليس فقط للفقراء بل حتى للاغنياء فاينما وجهت السكر وجدته موجودا حاضرا نافعا 
فالسكر بالعزاء وتازر مادي له بعد قوي كاننا كمجتمع وشعب نرى الامور بطريقه مختلفه عنها في مكان اخر لا يمكن ان تجد هذه العادات الا بالمغرب ابصم عليها بالعشره مع كل البحوث التي بحثتها لم اجد هذه العادات ولا هذا الارتباط بالشاي والسكر الا بالمغرب
طبعا هنا السكر لا يقوم فقط بواجبي المقايضه مع البقاله بل يقوم بواجبي استقبال الضيوف والمعزين فان كان عرسا حضر به الشاي بالحفل وان كانوا معزين حضر لهم الشاي في العزاء وبهذا يكون نوعا من الدعم المادي للعائله 
لكن بطريقه راقيه دون ان يشعروا العائله اننا نمدك من باب الاحسان 
ان الغوصى في فهم كيف يتعامل المغربي مع السكر استطيع ان اكتب فيه لوحده مؤلفا 
*(#السكر حديثا بالصناعة المغربية)*
لا يمكن ان تذكر صناعه السكر بالمغرب دون ان تذكر اسم كوسومار بمعنى الشركه المغربيه للسكر 
هذه الشركه التي كانت تستورد السكر الخام من كوبا لتكرره وتحوله بالمغرب وقد بدات هذه الشركة تكرير السكر بالمغرب في 1929 تحت اسم (كوسومار) أي الشركة المغربية للسكر التي كانت تنتج 100 طن يوميا من قوالب السكر
 فيما تستورد المادة الخام «السكر» من كوبا  قبل أن تشهد هذه الصناعة تحولا جديدا في سياق التطور
حين وقعت الدولة في 1967 اتفاقا مع شركة «سانت لويس» في مارسيليا استحوذت بموجبها على 50 % من رأسمال شركة السكر التي تحول اسمها إلى «الشركة المغربية للسكر والتكرير»
هذه العلامه التجاريه التي تربى عليها المغاربه واصبحت جزءا اصيلا من من حياتهم حتى ان ذلك الشكل ولون قالب السكر والختم الاحمر بالنمر الذي يتوسطه لا زال عالقا باذهان كل مغربي لنا معه ذكريات حتى ان هذه الشركه لم تنسى الاطفال وكانت تصنع قوالب صغيره كنا نشتريها ونعتبرها حلوى قلب السكر في المغرب ليس مجرد سكر هو مخزون عادات وتقاليد 
هو محفز لكل ذكرياتنا قد يستغرب غيرنا من شعوب الارض هذه العلاقه مع السكر
لكن اذا كنت في المغرب فلا تستغرب كل شيء ياتي الى المغرب ثم ياخذ طابعا اخر شكلا اخر وحتى مذاقا اخر 
فالسكر هنا سكر والشكل هنا قالب والمذاق هنا حلو ومن اراد ان يسال يفتح السجلات بريطانيا العظمى ليسمع الكثير والكثير عن قصص السكر المغربي بالمملكه المتحده 
لا تقل لي كيف حظ السكر هذه المكانه لكن ساخبرك ان المغرب شعب يعيش على رواق يعيش يومه دق دقه يحلي شايه تحليه حد التشبع ان كان امازيغي او دكالي او سوسي كل مناطق المغرب من كرم ضيافتها ان تضيف سكر زياده للشاي 
فمن علامات البخل ان تصنع شاي بدون سكر اليوم تجاوز المغاربه هذه العاده فلم يعد للسكر تلك القيمه الخياليه التي يستوجب اضافه المزيد فيه كنوع من الترحيب لكن حتى في ذلك الوقت كان اهل فاس لا يشربون الشاي الا بسكر قليل وسيظن البعض ان هذا بخل لكن بالنسبه للفاسيين لا انه ترشيد الاستهلاك هذا اولا ثاني شيء هو الماء الذي يدخل في اعداد الشاي فعلى حسب المناطق تجد المغاربه يذكرون كلمه الماء شلوقي او الماء حلو او الماء مالح فمثلا في منطقه الاطلس بخنيفره لا يمكن ان تعد كاسا من الشاي بدون ان تصل للتشبع بالسكر لان الماء مالح على حسب المنطقه تجد اهلها يشربون السكر اما قليل السكر او كثير السكر وهذا يرجع للماء ان كان ماء البئر او ماء عين او ماء نهر فغالبا الكثيرون لا ينتبهون لهذه النقطه 
*(#ختاما)*
السكر هو واحد من اهل العريس يوم الخطبه السكر واحد مع الراغبين في الصلح السكر هو من يزين جلسه الحناء بكل شموخ وفخر سكر القالب المغربي هو واحد في تكمله كل عدد في كل مناسبه ان كان حزنا او فرحا او صلحا يضل السكر القالب المغربي موجودا متواجدا فلا يمكن لمجمع الشاي ان يكون بدون ان يكون هناك سكر القالب 
سكر القالب الذي حير من تفكر فيه فمن جهه هو يصنع قالبا كبيرا ليكسر عند دخوله البيت تفسيرا الى قطع صغيره وكبيره سيقول البعض لماذا لم تفكر شركات تكرير وصناعه السكر في ان تجعل منه قطعا صغيره كما هو الحال اليوم ساقول له ان شكل قال بالسكر كان بذلك الشكل لان بذلك الوقت كان التعليب يتم ضمن مقاييس ان يكون حمل السكر مريحا لمن يحمله ولم يكن التعذيب بالكراتين متوفرا 
فاستوجب ان يكون القالب على شكل هرم معقود بخيط القنب ليسحل على من يحمله حمله 
السكر يا سكر يقال بالسكر يا من كانت الجدات والامهات تصف ابنائهن باول يوم من القماط بقالب السكر يا من يصفن بناتهن الجميلات الحلوات بقالب السكر 
السكر موجود بالمثل والحكمه والعاده موجود بكلامنا موجود بحياتنا بالامس واليوم ما زال سكر القلب متربعا على باقيه انواع السكر حتى مع تواجد المطحون منه والمقروط يظل القالب هو السيد السكر بالمغرب
Nawal Bellahsayn

ما هو رد فعلك؟

0
like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow