الفلسفة والدين توافق أم تضاد المنهج مبدئ الشك في التفكير

الفلسفة والدين توافق أم تضاد  المنهج مبدئ الشك في التفكير

أريد الحديث في هذا المنشور حول موضوع تطرقت له في منشور سابق وأعيد طرحه من جديد مع بعض الإضافة، وهو قضية موقف الفلاسفة من النصوص الدينية المقدسة.
 

لاشك أن الدين له جذور قوية في كينونة الإنسان، فهو ليس فقط مجرد طقوس وشعائر روتينية أو أفكار و معتقدات تشكل رؤية حول الكون والوجود، الأخطر من ذلك أنه يشكل البناء النفسي للإنسان وكيانه يتمحور حوله، لذلك نادرا ما تجرأ المفكرون و الفلاسفة من الإقتراب منه وتعريته، إما خوفا من ردة فعل المجتمع  تجنبا لعقابه معنوي (الإستبعاد - الإقصاء)، أو لعدم قدرتهم على الذهاب بالشك بعيدا خوفا من مصيرهم بعد الموت ومن العقاب الأخروي، وهذا يبين مدى قوة الدين وتأثيره، وهؤلاء لا أعتبرهم فلاسفة حقيقيين، لأن من مهام الفيلسوف مسائلة البديهيات والشك فيها، ليس لديه خطوط حمراء ولا يعترف بالمقدسات كيفما كانت، فالعقل هو بوصلته، وهنا أريد أن أوضح نقطة مهمة حتى لا يساء فهم كلامي ويستغل لتحميله ما لا يحتمل، عندما أتكلم عن الدين أعني به العقائد والكتب المقدسة وليس الإيمان حتى أكون واضحة، بمعنى يمكن  للفيلسوف أن يكون مؤمنا، فهو مؤمن بما لا يمكن إثباته ولا يدعي أنه يملك دليلا على وجوده سواء كان روح/إله/طاقة هو يشعر به ويختبره ولا يعقله، فهو حقيقي بالنسبة له لأنه عايشه كتجربة، ومن أجل اكتشافها لابد من المرور بتجربة مشابهة، مثلا إذا كونت فيلسوفة سأشك في كل العقائد الإسلامية، في السنة والقرآن، لأنني هنا أتعامل مع نصوص بشرية، فأي تجربة أو معرفة نكتسبها في المجتمع فهي بالضرورة منتوج بشري.

في الثقافة "العربية الإسلامية" لم يوجد فلاسفة من هذا النوع على حد علمي، لم يوجد ملحدون حسب التعريف الغربي، أكثر المفكرين والفلاسفة جذرية في التشكيك لم يتجاوزوا سقف القرآن، أنكروا النبوة والسنة لكنهم لم يسطيعوا التشكيك في القرآن و وجد الله، لم يقل أحد أن القرآن ليس من عند الله أو أن الله غير موجود، لأن وجود الله كان بالنسبة لهم مسلمة، حتى عصرنا الحالي لم اسمع بمفكر أو فيلسوف مرموق ألف كتابا ينفي فيه أن يكون القرآن مصدره إلهي، لم يجرؤ أحد.

المفكر التنوير الحقيقي لا وجود لسقف يحد تفكيره إلا العقل النفسه،  و إذا لم يستطع التشكيك في القرآن فهو لا يختلف عن الإنسان العامي، قد أتفهم موقف العامي لأنه ليس لديه معرفة وثقافة وقدرة على النقد والتفكير، لكن موقف الفيلسوف هنا، الخجول، المتردد، المُسلِم، لا يليق به.

ما هو رد فعلك؟

0
like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow