تأثير "نظرية الفوضى الخلافة" على مستوى طرق التفكير و السلوك من خلال الأداة الإعلامية و التواصلية الجديدة "Reel"

تأثير "نظرية الفوضى الخلافة" على مستوى طرق التفكير و السلوك من خلال الأداة الإعلامية و التواصلية الجديدة "Reel"

أشناهو ال”Reel” وأشناهي “الفوضى الخلاقة”؟
“الريل” هو واحد الفيديو قصير المدة ديالو ثواني معدودة، وكيعرض واحد الحدث معين، ولا واقعة، ولا مجموعة ديال الأفكار ولا فكرة واحدة خلال هاذ الثواني القليلة اللي كيستغرقها. وهاذ النوع ديال الفيديوهات حاليا كيلقى واحد الإقبال كبير من طرف المستعملين ديال الشبكات الاجتماعية المختلفة. وبعض الشبكات قررت أنها تفرض هاذ النوع من الفيديوهات على صناع المحتوى بحيث أنه ولى شرط من الشروط ديال الاستفادة من التمويل عن طريق الإعلانات الإشهارية المختلفة.
أما نظرية الفوضى الخلاقة فهي ما كايناش بالمرة فالمجال السياسي ولا فالمجال الإعلامي ولا فالمجال الاجتماعي. وإنما هي نظرية اللي موجودة فالمجالات العلمية الدقيقة. والمعنى ديالها فالمجال العلمي هو ببساطة واحد التغيير بسيط، اللي كيكون غالبا غير متوقع، فواحد الوضع تجريبي أو اختباري معين، من خلال شي عنصر اللي كيكون غالبا صغير وما عندوش أهمية، ولكن هذاك التغيير كيخلي واحد المنظومة معينة تفقد القواعد الناظمة ديالها وينتج على هاذ الاختلال نظام جديد أو منظومة جديدة. وطبعا، الخطاب الإعلامي فالمنطقة العربية فالبداية جاب هاذ المصطلح من المجال العلمي ودخلو فالمجال السياسي، وبسرعة ناضوا مجموعة ديال الكتاتبية فالجرائد الناطقة بالعربية، ومجموعة ديال البرَّاحة فالقنوات الفضائية العاربة والمستعربة، وبداوا كيتكلموا على أساس أن هناك نظرية قائمة بذاتها فالمجال السياسي سميتها “نظرية الفوضى الخلاقة” وأن مولاة هاذ النظرية هي وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس. والواقع أن كوانداليزا رايس ما عندها حتى شي حاجة اللي يمكن نسميوها نظرية سياسية ديالها بالرغم من أنها حاصلة على الدكتوراه فالفلسفة. وربما فشي حوار من الحوارات الصحفية ديالها ذكرت هاذ المصطلح اللي كيفما كلنا هو مصطلح علمي ما عندو علاقة بالسياسة. ولكن العرب كيف العادة كيصنعوا أشياء من الخيال ديالهم وكيتعاملوا معها على أنها معطيات واقعية. وبسرعة ولات وسائل الإعلام العربية كتتكلم على مشروع “الفوضى الخلاقة” وكتعني به السياسة الأمريكية اللي بدات مع صعود المحافظين الجدد واللي كانت الفكرة المحورية ديالها هي بناء ما يسمى ب”الشرق الأوسط الجديد” من خلال إسقاط الأنظمة الحاكمة فالمنطقة وإقامة أنظمة بديلة.
واش هاذ الشي هو المقصود هنا ب”الفوضى الخلاقة”؟
إطلاقا لا. ونما المقصود هو “الفوضى الخلاقة” على مستوى طرق التفكير والسلوك والانفعالات من خلال هاذ الأداة الإعلامية والتواصلية الجديدة اللي هي “الريل”، يعني كيف كلنا الفيديو القصير اللي ما كيتعداش ثواني معدودة. وباش نفهموا المقصود يكفي نتذكروا أن فلاسفة ومفكرين كبار دوزوا حياتهم كاملة كيشتغلوا على فكرة واحدة فقط، أو على الأقل دوزوا جزء كبير من حياتهم كيشتغلوا على هاذ الفكرة وكيحاولوا يوصلوها للإنسانية: أرثور شوبنهاور حياتو كاملة عمليا كان كيشتغل على مفهوم الإرادة، سيغموند فرويد حياتو كاملة كيشتغل على مفهوم اللاوعي، إيمانويل ليفيناس الجزء الأكبر من حياتو كيشتغل على فكرة المغايرة. والأمثلة كثيرة. وبالرغم من أن هاذ الناس أفنوا الأعمار ديالهم فالاشتغال على فكرة واحدة، أو على أفكار اللي العدد ديالها محدود جدا، ما قدروش يعطيوها كل ما كتستحق من تدقيق. وفالغالب كيجيوا مفكرين آخرين من بعدهم هوما اللي كيحاولوا يكملوا المشوار ديالهم. ولكن اليوم يمكن لفيديو قصير، فأقل من دقيقة، يمرر للمشاهد مجموعة من الأفكار والرسائل، ويحدث عندو مجموعة من الانفعالات، ويوصل ليه مجموعة من الرسائل. وهاذ الشي كامل بلا ما يكون عندو الوقت فين يفكر فيها بالقدر الكافي، ولا يفحصها، ولا يعطيها حقها من التحليل. وفالغالب هاذ الأفكار والرسائل والانفعالات كتدوز بدون ما ينتبه ليها المتلقي، وكتستقر فاللاوعي ديالو، ويمكن الآثار ديالها ما تظهرش مباشرة وإنما بعد مدة كافية باش تكون تنسات تماما، واستبطنها المتلقي وولى كيعتقد أنها صادرة منو هو وأنها الأفكار الخاصة ديالو. 
فهاذ الحالة من الطبيعي جدا أننا غادي نشوفوا أنظمة ديال التفكير والسلوك كتتغير بسرعة خارقة. ومن السهل على مجموعات عمل منظمة ديال الخبراء فعلم النفس والمجالات المشابهة أنهم ينتجوا سلاسل ديال الفيديوهات وينشروها فواحد الحيز زمني مضبوط، وبوتيرة مضبوطة، ويمرروا من خلالها رسائل وأفكار لجماعات معينة وبعد واحد المدة نشوفوا ذيك الجماعات كلها متفقة على فكرة أو ـ على العكس تماما ـ كتعيش حرب أهلية لأنها ما بقات متفقة حتى على شي حاجة. بتعبير آخر، كاينة أنماط ومنظومات ديال التفكير اللي غادي تكون فالمستقبل معرضة للتدمير بهاذ التقنية اللي ربما كتعادل الصواريخ والقنابل الذكية فالاستراتيجيات العسكرية. وبدون شك اللي غادي يمتلك زمام هاذ الأداة الخطيرة غادي يكون مؤهل باش تكون عندو مكانة كبيرة وفاعلة ومؤثرة فمجال “القوة الناعمة” أو مايسمى بالانجليزية “Soft power”. وماشي الأمثلة اللي يمكن تنقصنا فهاذ الباب. يكفي مثلا ـ علماً أنني أنا شخصيا ماشي خبير فعلم النفس وماشي خبير فتقنيات الصورة ـ نصنع واحد المجموعة كبيرة من الفيديوهات القصيرة اللي نبين فيها مناظر خلابة من الصحراء المغربية وفالنهاية ديال كل فيديو ندير شعار ثابت ونمرر فيه مصطلح “الصحراء المغربية” باللغة الإسبانية، وندوزوا فالشبكات الاجتماعية المختلفة مع الاستهداف الدقيق للمستعملين الإسبان. وخلال مدة معينة يمكن نلقى أن أعداد هائلة من المواطنين الإسبان ولات كتعرف أن الصحراء ديال المغرب ويمكن نستثمر هاذ الزخم الجماهيري فالضغط على الحكومة الإسبانية ونخليها تعترف رسميا بمغربية الصحراء. وفنفس الوقت ممكن الطرف المعادي يدير العكس، بنفس التقنية، ويصور المغرب كقوة احتلال ويألب عليه الرأي العام الإسباني.
طبعا، هذا مجرد مثال بسيط جدا. ولكن بالفعل هاذ التقنية الخطيرة ديال “الريل” أو “الشورت” كيف كتسميه بعض الشبكات الاجتماعية هي تقنية خطيرة جدا اللي قادرة فعلا على إحداث “فوضى خلاقة” فمنظومات التفكير والسلوك وحتى على صعيد الانفعالات ديال البشر فالمستقبل. وماشي من باب الصدفة والعبث كيف كلنا أن بعض الشبكات الاجتماعية حاليا ولات كتفرض تحقيق مشاهدات فهاذ النوع بالضبط من الفيديوهات على صناع المحتوى.

ما هو رد فعلك؟

0
like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow