"الاستمطار الصناعي" حلاً مطروحا لعلاج ظاهرة الجفاف
الإستمطار الصناعي
من الحلول المطروحة بقوة حاليا لعلاج قلة نسبة الأمطار وحدة الجفاف إستمطار السحب صناعيا وبدأ بالفعل تطبيق هذه التقنية في عدة بلدان منها المغرب
ويمكن تعريف إستمطار السحب بأنه عملية استثارة وحفز السحب والغيوم لإسقاط محتواها من المياه الكامنة أو الثلج المتجمد فوق مناطق جغرافية محددة عن طريق استخدام وسائل صناعية ومواد كيميائية تعمل على تسريع عملية هطول الأمطار أو زيادة إدرار هذه السحب من المياه مقارنة بما يمكن أن تدره بشكل طبيعي وتهدف هذه العملية في الأساس إلى تعديل ظروف الطقس السائد وتحسين الأحوال الجوية أو نسبة الموارد المائية فوق المناطق والأراضي الزراعية المعرضة للجفاف أو المناطق الأخرى الحضرية التي تعاني من شدة القيظ وقسوة درجة الحرارة
غير أن حقن السحب وتطبيق تقنيات الإستمطار يمكن أن يجرى أيضا لغرض معاكس كمنع سقوط الأمطار الغزيرة فوق بعض المناطق الزراعية مثلا بغرض الحيلولة دون تلف المحاصيل المزروعة فيها أو منع تشكُّل البرد أو الضباب فوق بعض المطارات المزدحمة من أجل تسهيل عملية إقلاع وهبوط الطائرات القادمة والمغادرة
كما يمكن أن تجرى عملية الإستمطار بهدف تحقيق بعض الأهداف الإستراتيجية بعيدة أو قصيرة المدى مثل زيادة كثافة الغطاء النباتي الصالح للرعي وإعادة ملء السدود وزيادة مخزون المياه الجوفية لاستخدامها مستقبلا
وتقنيا يمكن أن تتم عملية الإستمطار بأكثر من طريقة لكن الطريقة الأكثر شيوعا تتمثل في حقن السحب الركامية بمادة يوديد الفضة وبعض المركبات الأخرى أو الأملاح الشائعة بما يعمل على زيادة كثافة هذه السحب وتحويل قطرات الماء الموجودة داخلها إلى بلورات ثلجية ثقيلة تنهمر بدورها بفعل هذا التثاقل نحو الأرض حيث يتسبب ارتفاع درجة الحرارة قرب السطح في إعادتها ثانية للحالة السائلة وتساقطها في هيئة مطر وفضلا عن يوديد الفضة يعدّ ثاني أكسيد الكربون المُجمَّد أو ما يعرف باسم "الثلج الجاف" والأملاح الرطبة خاصة كلوريدات الصوديوم والكالسيوم والبوتاسيوم من أكثر المواد الكيميائية شيوعا واستخداما في العملية
وتستخدم الطائرات والمولدات الأرضية لحقن السحب بيوديد الفضية لتحقيق الإستمطار صناعي كما تتنوع الوسائل والآليات المستخدمة في عملية حقن أو بذر السحب بين استخدام الطائرات والصواريخ وهذا في حالة الحقن الجوي أو استخدام مضادات الطائرات وأجهزة أرضية ومولدات خاصة في حالة الحقن الأرضي حيث تستخدم مضادات الطائرات في إطلاق قذائف محملة بملح الفضة بطريقة مشابهة لإطلاق الألعاب النارية في حين تستخدم المولدات الأرضية في توليد كميات من بخار الماء المشبع بيوديد الفضة والتي تتولى بعد ذلك تيارات الهواء الصاعدة حملها إلى أعلى حيث مناطق تجمع السحب
ويتطلب نجاح عملية الإستمطار وتحقيق الأهداف المرجوة منها توافر أكثر من ظرف وعامل ملائم كوجود السحب الركامية وانتشارها على مساحات معينة ووجود تيارات الهواء الصاعد والمحمل بالرطوبة أو بخار الماء إضافة إلى إتمام عملية الحقن في الوقت المناسب وحقن كمية مناسبة من المواد الكيميائية المحفزة تكفي لسقوط المطر
وعلى الرغم من فوائد عملية الإستمطار وإسهامها في التخفيف من حدة الجفاف في بعض المناطق فإن تطبيقها قد انطوى على ظهور عدة إشكاليات من أهمها ارتفاع التكلفة المادية الناتجة عن تطبيق هذه التقنية مع عدم جدواها الإقتصادية قياسا بعدم تطور تقنيات الإستمطار بالقدر الكافي وانخفاض نسب نجاحها إلى 10% أو ما دون ذلك في بعض الأحيان
ويضاف إلى ذلك ارتباط نجاح هذه العملية وكمية الغيث المستمطر بتوافر ظروف جوية مواتية معينة ومحددات أخرى لا يمكن بطبيعة الحال ضمان توافرها أو تحقيقها
ومن الإشكاليات القائمة أيضا احتمال تأثير المواد الكيميائية المستخدمة في عملية بذر أو تلقيح السحب سلبا على صحة الإنسان والحيوان والبيئة عموما حيث تتزايد المخاوف من احتمال اختلاط آثار مادة يوديد الفضة السامة -على وجه الخصوص- بمياه الأمطار وتسربها من ثم للمحاصيل الزراعية أو مياه الشرب السطحية .