إحصائيات تضع ظاهرة التسول في واجهة الآفات الاجتماعية بالمغرب
مؤخرا طرح المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي موضوع التسول في المغرب للمناقشة بين المغاربة المهتمين.
تعتبر ظاهرة التسول في المغرب من الظواهر الاجتماعية المنتشرة في جميع ربوع المملكة، وهي ظاهرة بائنة لا تحتاج الى علم كبير، بقدر ما تحتاج الى جمع ملاحظات وتحليلها رفقة معطيات سوسيو اجتماعية نابعة من الالمام بالثقافة الاجتماعية المغربية.
التسول سببه الرئيسي الأول هو الحاجة الى المساعدة مع تواجد عدم القدرة على مزاولة العمل، وهنا تتفرع الأسباب، فهمنها: كبار السن، أو أصحاب الأمراض المزمنة، أو الإعاقة الدائمة، أو الفقر المدقع ، أو حالات اجتماعية هشة.
أما طرق التسول فهي تختلف حسب عقلية المتسول، فهناك فئة تفضل الجلوس قرب الأبناك والادارات والمساجد والاسواق وفي باب المقابر ، وغالبا يكونوا مصحوبين بأطفال صغار لاستمالة عطف المارة؟
والفئة الثانية: تفضل الوقوف في ملتقى الطرقات خاصة في كبريات المدن.
أما الفئة الثالثة: تفضل التسول المباشر من خلال طلب يد المساعدة من الزبناء في المقاهي والمطاعم وركاب الحافلات وركاب القطارات.
وهناك من يطرق باب الباعة أصحاب المحلات، والمنازل.
و أخيرا هناك من يتسول في الشارع العام.
هذه الظاهرة موجودة في جميع المدن المغربية، لكن في البوادي هناك من يتسول في الاسواق الاسبوعية و يخصص لهذا الغرض سيارة خاصة ولوازم التسول والتي هي عبارة عن ملابس رثة وطفلة صغيرة لاسمتالة عطف الناس وتحريك مشاعرهم.
وحسب شهادات حية، هناك من المتسولين من يملك منزل من 3 طوابق، وهناك من له أبناء موظفين، لكنه يزاول مهنة التسول خفية عن أبنائه وجيرانه وذويه.
مؤخرا استفحلت ظاهرة التسول، وأصبح شباب كثيرون و بصحة جيدة يمارسون التسول بدون غضاضة وبدون حشمة وبدون وازع أخلاقي ولا وازع ديني ولا وازع ثقافي.
أما بخصوص المتسولين الذين يستغلون بيوت الله بذكر أسماء الله الحسنى عند دخول وخروج المصليين ، فاٍنهم كمن يقرأ القرآن مقابل دراهم معدودة أمام باب المقابر و أضرحة الاولياء الصالحين ، وهوما يدعم منظومة الايمان بدون عقيدة.
الشق الثاني في ظاهرة التسول، وهو ما يمكن تسميته بالتسول الموسمي، وهو أقل تفشي من الشق الأول الذي سبق ذكره ، ويكون ناجما عن التوقف المفاجئ عن العمل ، أو فقدان منصب الشغل بحكم انتهاء عقدة العمل، وهنا لابد من توضيح بعض الامور التي تفضي الى التسول الاضطراري بطرق غير مباشرة وطلب المساعدة نظرا لضعف المداخيل وهزالتها ، وهذه الفئة من الناس يتم احصاؤها على أنها عاملة، أو تمارس نشاط تجاري بشكل حر ، لكنها في الواقع تدخل في خانة العمل الغير المهيكل، والذي يعني أن هذه الفئة لا تتوفر على تأمين صحي ولا على تقاعد مريح ولا على تعويضات عائلية، وهو الامر الذي يغدي ويجعل عدد المتسولين يتصاعد باستمرار مع مرور الزمن.
يقول علماء النفس أن المتسول تكون كرامته منعدمة ونفسيته غير مستقرة واٍيمانه ضعيف، لا يؤمن الا بالمادة ولو كلفه ذلك ما يحطم عزته وكرامته ومبادئه وقناعته، ولا يفرق بين ما هو حلالا طيبا، وبين ما هو حراما بينا.
ينطبق عليهم المثل العربي: يحبون المال حبا جما، لكن الفارق عندنا هنا، هو أن هناك من يجمع المال من عرق جبينه وهو مال حلال طبعا وهناك من يجمع المال بطرق ملتوية بما فيها التسول المصطنع والذي يقوض من القيم التي تكون الهوية المغربية.
دون أن ننسى، أن صورة المغرب مهما قطع من أشواط في تحقيق التنمية الاقتصادية ومهما حقق من تقدم في الاوراش الكبرى فوق أرض الواقع، ومهما تحسنت البنية التحتية في مجال الرياضة والسياحية والطرقات والحياة العامة، فاٍن ظاهرة التسول تشوه صورة المغرب وتضربها في الصميم وترسم في نفسية السواح وفي نفسية المغاربة أنفسهم صورة أخرى تحطم من جمالية البلاد وأخلاق العباد.
اٍذن من خلال هذا العرض الوجيز يجب اعادة النظر في ما يسمى بالمؤسسات الاجتماعية كرعاية كبار السن، و المسنين المتخلى عنهم، وكذلك أصحاب العاهات المستدامة والامراض المزمنة، والفقراء والمحتاجين والمعرضين للازمات المالية العابرة.
أما بخصوص الفقر والهشاشة فهذا موضوع يجب إعادة النظر فيه من جديد من طرف المسؤولين على برامج الرعاية الاجتماعية والتي لازالت تحتاج الى اٍعادة النظر من جديد.
وأخيرا، للحد من هذه الظاهرة يجب الانتقال الى التطبيق العملي من خلال خلق شرطة الاخلاق والرعاية الاجتماعية موازاتا مع الشرطة الادارية، والتي تقوم بدورات يومية لرصد المتسولين والمشردين، لكن شريطة أن تكون مؤسسات الرعاية الاجتماعية قائمة بذاتها لإيواء من هم في حاجة ماسة الى مساعدة انسانية.