أن تقبل حبيبتك في الشارع او المطار او الحافلة أو أو ...هذا منظر غير أخلاقي، شنيع وقبيح في نظر المجتمع المغربي .. وذلك إلى حدود كتابة هذا المنشور يوم سبعة يونيو ألفين وثلاثة وعشرين..ولو حدثت تلك اللقطة في الشارع ، لا شك سيودع الحبيبين في أقرب سجن بتهمة الإخلال بالآداب الإسلامية..
أتوقع أن يحتفظ الفيسبوك بهذا المنشور حتى سبعة يونيو سنة 2063 عندما يكون هذا المنظر عاديا جدا ونصبح أضحوكة الجيل القادم....
كان الرجل المغربي في سبعة يونيو عام الف وتسعمئة وأربعين مثلا ، إذا خرجت زوجته ولا تخرج أصلا إلا لضرورة قصوى، كان الرجل يخرج معها ، ولكن كيف تتصورون هذا الخروج؟
كان يخرج من البيت إلى الشارع وزوجته معتجرة في رداء أبيض سخيف وكانت تتبعه مثل البهيمة خطوة خطوة، وكان يلتفت مرة بعد مرة نحوها ويحثها على المسير...كانت المرأة مثل عار الرجل يستره ويتهرب منه ،كان هذا هو الأدب والرجولة في ذلك الوقت ، ولو قلت لهم مثلا إن المغرب في المستقبل سنة ألفين وثلاثة وعشرين سيخرج الرجل رفقة زوجته يمسك يدها ويتنزهون في الشارع ويجلسون في المنتزهات الخضراء ، سيقول لك اللهم إن هذا لمنكر ، يمسك يدها؟ يتنزهون ؟ لا حول ولا قوة الا بالله..اللهم لا تحيينا إلى ذلك الوقت ...
هذا هو المنطق الذي يسير بيه التاريخ البشري ،ولكن لا يستطيع العرب أن يهضموه ، يعتقدون أن تقاليدهم هي فطرة وقانون الطبيعة وبالتالي هي أبدية ومستمرة وسينهدم أساس البشر إذا لم يمتتثل لتلك التقاليد ..بينما في الحقيقة هي مجرد أعراف وتقاليد نتيجة ظروف معينة وتاريخ معين، وعندما تتغير تلك الظروف تتغير معها تلك التقاليد..وما هو عيب الامس هو عادي اليوم..وما هو عيب اليوم هو عادي الغد ،وهكذا.. كان الناس مثلا قديما يتزوجون الفتاة القاصر بدون حتى مشورتها، وكان عاديا جدا في كل العالم، بينما اليوم هو عيب شنيع...
عندما صدر كتاب الجنس الآخر للفيلسوفة الفرنسية سيمون ديبوفوار سنة ألف وتسعمائة وتسعة وأربعين ،أحدث ضجة كبيرة في المجتمع الفرنسي الذكور التقليدي المتدين، وكان أغلب الفرنسيين سواء المثقفين منهم او الجاهلين رفضو كل الأشياء الواردة فيه ، كيف تكون المرأة مثل الرجل وتكون رئيسة برلمان مثلا؟ وكان هذا مستحيلا في ذلك الوقت ..
وكانت سيمون ديبوفوار شيطانا في صورة إنسان لدى أغب نساء فرنسا التقليديات اللواتي يؤمن بأن مكان المرأة هو الإنجاب والمطبخ فقط ..
وبعد مرور خمسة وعشرين سنة تغير المجتمع الفرنسي بنسبة مهمة ولكن ليس للدرجة التي كانت تأمل الفيلسوفة سيمون ديبوفوار .. فقد رأيت حوار لها في السبعينات وهي تناقش صاحب البرنامج ساخطة على المجتمع الفرنسي التقليدي ... وقالت بالحرف : كنت اتأمل أن يتغير المجتمع الفرنسي أكثر من هذا ، لقد كانت استجابة المجتمع الامريكي أفضل ..وكانت عدد مبيعات كتب سيمون في أمريكا ودول اخرى أكثر من فرنسا...كانت فرنسا من أكثر الدول الذكورية في الغرب ، لدرجة أنها من آخر الدول التي سمحت بتصويت المرأة، تخيل فنلندا سمحت بتصويت المرأة سنة ألف وتسعمائة وسبعة ، بينما فرنسا سنة ألف وتسعمائة وخمسين ...
ولكن بعد مرور أربعين سنة ، اليوم سيمون ديبوفوار تقريبا تحقق مشروعها في تحرير المرأة في فرنسا والعالم...وهي اليوم انسانة عظيمة جدا وملهمة للمرأة..
العرب هذه هي مشكلتهم، لا يعتبرون من التاريخ...
واليوم سواء أراد المجتمع المغربي أن يتغير أو لم يرد فالتغيير فرض واجب رغم أنفه ...التطور والتغيير سواء كان بطيئا أو سريعا فهو واقع لا محالة...
المجتمع يسير نحو الأمام جنبا إلى جنب مع ظروفه الاقتصادية المتغيرة ... ايوا بقا نتا قدس تقاليد جدودك الخانزين وتقاليد القبيلة ديالك ...
0
0
0
0
0
0
0