أصول المعتقد الديني من منظور رواد العلوم الاجتماعية
في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، قام علماء من التخصصات العلمية الناشئة حديثًا، مثل الأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع وعلم النفس، بفحص الجذور الطبيعية المزعومة للمعتقد الديني. وقد فعلوا ذلك بفرشاة واسعة، في محاولة لشرح ما يوحد المعتقدات الدينية المتنوعة عبر الثقافات، بدلاً من مراعاة الاختلافات الثقافية. في الأنثروبولوجيا مثلا، انتشرت فكرة أن جميع الثقافات تتطور وتتقدم على نفس المنوال (التطور الثقافي). تم شرح الثقافات ذات الآراء الدينية المختلفة على أنها في مرحلة مبكرة من التطور. على سبيل المثال، اعتبر تايلور (1871) أن الروحانية، والاعتقاد بأن الأرواح تحرّك العالم، هي أقدم شكل من أشكال المعتقد الديني. اقترح كونت (1841) أن جميع المجتمعات، في محاولاتها لفهم العالم، تمر بنفس مراحل التطور: المرحلة اللاهوتية (الدينية) هي المرحلة الأولى، حيث تسود التفسيرات الدينية، تليها المرحلة الميتافيزيقية (الله الذي لا يتدخل)، وقد بلغ التطور ذروته في المرحلة الإيجابية أو العلمية، التي تتميز بالتفسيرات العلمية والملاحظات التجريبية.
اعتبر عالم الاجتماع إميل دوركايم (1915) المعتقدات الدينية بمثابة صمغ اجتماعي ساعد في الحفاظ على تماسك المجتمع. رأى عالم النفس سيغموند فرويد (1927) المعتقد الديني على أنه وهم، توق طفولي إلى شخصية أبوية. القصة الكاملة التي يقدمها فرويد غريبة للغاية: في الماضي، كان الأب الذي احتكر جميع النساء في القبيلة يقتل ويأكل من قبل أبنائه. شعر الأبناء بالذنب وبدؤوا يعبدون والدهم المقتول. هذا، جنبًا إلى جنب مع المحرمات على أكل لحوم البشر وسفاح القربى، وهذا ما أنجب الدين الأول. اعتبر فرويد أيضًا "الشعور المحيطي" (الشعور باللامحدودية والارتباط بالعالم) كأحد أصول الإيمان الديني. كان يعتقد أن هذا الشعور كان من بقايا تجربة الطفل مع نفسه، قبل أن يتم فطامه عن الثدي. اقترح علماء مثل دوركايم وفرويد، جنبًا إلى جنب مع المنظرين الاجتماعيين مثل كارل ماركس وماكس ويبر، نسخًا من أطروحة العلمنة، وهي وجهة النظر القائلة بأن الدين سوف يتراجع في مواجهة التكنولوجيا الحديثة والعلم والثقافة. كان الفيلسوف وعالم النفس ويليام جيمس (1902) مهتمًا بالجذور النفسية وظواهر التجارب الدينية، والتي كان يعتقد أنها المصدر النهائي للأديان المؤسساتية.