هل تخاف من فقدان هاتف ؟..تعرف عل "النموفوبيا "
إن كنت تبدأ يومك بزيارة مواقع التواصل الاجتماعي، أو تشعر بالتوتر الشديد إذا لم تستطع الدخول إلى حسابك بسبب عطل فني أو لأي سبب كان، فينبغي أن تعلم أن هذه الأفعال مؤشر على إصابتك بمرض “النوموفوبيا” أو “رهاب فقدان الهاتف”، والمصابون بهذا المرض تُصبح شاشات الهاتف بالنسبة إليهم العالم بأسره، فلا شيء آخر أبعد منها ويهربون إليها من واقع العالم المزعج أو حينما يشعرون بالملل والمؤسسون لتلك المواقع يعلمون خطر هذا المرض، لهذا لا يجعلون عائلاتهم يقضون عليها كثيرًا من الوقت، بل قد يمنعونهم من استخدامها، وقد صرّح سْتِيفْ جُوبْزْ في حوار له عام 2010م أنه يَرفض تمامًا أن يستخدم أطفاله جهاز الآيباد الذي تُنتجه شركته، كما أنه يضع قيودًا صارمة على استخدام أطفاله للتكنولوجيا عمومًا، وكذلك مارك زوكربيرج يمنع أطفاله من استخدام فيسبوك إلا للتواصل مع جدهم وجدتهم عبر المحادثة بالفيديو، وقد صرح بارْكِر أحد مؤسسي فيسبوك أنه لم يعد يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لأنها تستهلك كثيرًا من الوقت وما يجعل هذه التطبيقات قابلة للإدمان، حرص المبرمجين على ابتكار تقنيات تجعلنا نظل نستخدمها لمدة أطول، ومن هذه التقنيات “التصفح اللا نهائي” الذي صممه “آزَا راسْكِين”، الذي جعل تصفح المحتوى صفحة واحدة لا نهاية لها، على عكس التصفح التقليدي الذي تحتاج فيه إلى الضغط على كل صفحة حتى تعرف المحتوى، أما التقنية الأخرى فهي زر الـlike الذي صممته “لِيَا برلْمَان” وظهر في عام 2009م وبدا لها كالسحر، لكنه تحول في ما بعد إلى لعنة، فبعدما تغيرت خوارزميات فيسبوك وصار محتوى صفحتها التي كانت تنشر عليها رسومات الكوميكس الخاص بها أقل، شعرت “أن العالم لم يعد فيه أكسجين”، وأنها لم تعد قادرة على الشعور بالسعادة أو الرضا عن نفسها دون شهادة أو تأكيد من الآخرين أن ما تفعله يستحق الإعجاب، على الرغم من أنها تبدو للآخرين رمزًا واضحًا للنجاح، ولكن هذه هي اللعنة التي أطلقتها، فالدخول في دوامة الإعجاب على فيسبوك يولد شكًّا في النفس واهتزازًا في الثقة، ويُكوّن رغبة دائمة فيه.
الفكرة من كتاب برج مغيزل: مواقع التواصل الاجتماعي ومواسم الونس والإدمان والهجرة
إن رغبة الإنسان في أن يتواصل مع الآخرين وأن يتفاعلوا معه قوية وقديمة، وقد بدأت هذه الرغبة منذ أكثر من 400 ألف عام حينما كان الإنسان يجتمع مع أهله حول نار الموقد يسرد القصص والحكايات، وتشكلت من هنا رغبته في البوح والوَنَس، وقد علمت الشركات التي أنشأت مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة أن لهذه الرغبة أثر الإدمان فاستغلتها، ومن وقتها تحول التاريخ، فصارت السلطة ولأول مرة بيد مجموعة قليلة من الأفراد، وصار العالم في حالة من السيولة المُصاحبة لعالم قديم يريد أن يبقى وعالم جديد يُولد ليدافع عن حقوقه.