مدونة الأسرة والشرط الاقتصادي والثقافي والحقوقي العام

مدونة الأسرة والشرط الاقتصادي والثقافي والحقوقي العام


إذا تمعنا في مسار تطور  حياة الفرد والأسرة  في المجتمعات المتقدمة، وما ميزه من تطور حقوقي خاصة على مستوى حقوق المرأة وأثره على تحولات البنية الاجتماعية والأسرية، يتضح أن هذا المسار كان  جزء من مسار عام للتطور الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والحقوقي، مما خلق توازنا في التحولات الاجتماعية حيث كان التطور الحقوقي للمرأة  معززا  ب ول تطور الحقوق والحياة الاقتصادية والسياسية والثقافية وأثرها على  مستوى  ولوج المرأة  لمجال الشغل وتغير توزيع الأدوار الاجتماعية، ورفع مستوى العيش والدخل الفردي وتوفر شروط العيش الكريم، من جهة، وعلى مستوى التربية والتكوين وجودة التعليم والصحة والخدمات العمومية وتطور الوعي الفردي والمجتمعي،  والتوازن والتكامل بين مفهوم الفرد ودور الأسرة، من جهة أخرى. 
فحركية التحرير والحقوق واكبتها حركية النمو الاقتصادي والثقافي، واندماج المرأة في سوق الشغل،   وتغيير القوانين وتبسيطها بدل تعقيدها بما في ذلك خيار الزواج المدني،  والوعي بأهمية العلاقات والالتزامات الفردية أكثر من العقود، والتنشئة الاجتماعية المسؤولة  للمرأة وللرجل ، وتوفير الدولة وتحملها ضمانات التعليم والصحة والاحتضان  والتحفيز والتعويض المادي للأسر في مستوى متطلبات التربية وتكوين أطفال مواطنين...مما خلق توازنا اجتماعيا  في مراحل تغير البنيات الاجتماعية والاستيعاب والإرساء والتكامل المنتج  للحقوق والمساهمة في تطور الفرد والمجتمع.
المؤكد أنه إذا اختل هذا التوازن والتكامل ، وكان إيقاع  ومستوى سن حقوق المرأة  وما يرتبط بها من قوانين خاصة في مجال الأسرة، أكبر ومتقدما عن مستوى التطور الاقتصادي والاجتماعي العام، سيكون ذا أثار سلبية وربما وخيمة على الفرد والمجتمع ومكانة ودور الأسرة ذاتها كنواة اجتماعية. 
فنتابع مثلا كيف أن تطورات مدونة الأسرة في المغرب وحقوق المرأة كانت له بعض أثار سلبية على الحياة الاجتماعية والأسرية نتيجة هذه الاختلالات ،  التي كان من نتائجها تدني الوعي الأسري خاصة في صفوف النساء وصعود  البرغماتية الفردية  والقيم والنماذج الاستهلاكية التي تفوق طاقة وامكانيات  ودخل الأسر خاصة الرجال،  وتحول فكرة الزواج والطلاق إلى صراع حول الممتلكات والنفقات، ومما يزيد من نفور الرجال من الارتباطات الاجتماعية الأسرية وتخوفهم منها...
وإذا استمر هذا المسار دون مراعاة التوازن والتكامل الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، ستكون له نتائج عكسية ، منها  تصاعد العزوف الأسري  وارتفاع نسبة الطلاق كما هو حاصل وتدني مستوى التربية والتنشئة  وتحقيق حقوق الأطفال، وتراجع  دور الأسرة، وربما ظهور حركة رجالية في المستقبل...

ما هو رد فعلك؟

0
like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow