صناعة الجهل : إستراتيجيات و خطوات بقلم عبدالله الحلوي

صناعة الجهل : إستراتيجيات و خطوات بقلم عبدالله الحلوي

في نقد الجهال والمُدّعين

ما هي أشهر الطرق التي يستعملها ⛔️الجهال والمُدّعون⛔️ في خلق انطباع كاذب عند عوام الناس ليظهروا به بمظهر من يستطيع أن يعطي رأيا حصيفا في شأن معاني نصوص تيفيناغ القديمة، رغم أن لا دُربة لهم في الفيلولوجيا ولا مِراس؟

من خلال ملاحظتي القريبة ل"خطاب" هؤلاء الجهال المُدّعين، لاحظت أن حيلهم في الكلام لا تخرج عن أربعة أنواع:

#أولها حيلة "التهويل الإصطلاحي": و"التهويل الإصطلاحي" هو أن يلجأ الجاهل المدعي إلى ترديد ما درج على ألسنة العلماء من المصطلحات دون أن يفهمها ودون أن يتبين من المعاني الإصطلاحية التي وُضِعت للتعبير عنها في أصولها النظرية وفروعها التطبيقية.. مثال ذلك مما لاحظت انتشاره في فضاءات التواصل الإجتماعي أن يعمد الجاهل المدّعي إلى "تذكيرك" بأنك لا تستطيع فهم نصوص تيفيناغ لأن هناك خطين متمايزين، هما الخط الليبي (بنوعيه الشرقي والغربي)، والخط الصحراوي بأنواعه الهوڭارية، والأدرارية، والغاتية، وغيرها .. وواضح أن مثل هذه "الجَهْلَيات" التي تبدو في أعين أصحابها مقاما من العلم راسخا وفتحا في الفهم مُبينا ليست سوى "جهليات" ساهمت قلة العلم وضعف التكوين في انتشارها بين القوم. فمعلوم عند أهل دَقِيقِ النظر أن التنويعات المختلفة لخط تيفيناغ هي في حقيقتها تنويعات على نموذج صحراوي تنقيطي امتد استعماله نحو الشمال الشرقي والشمال الغربي، فتخلى المتأخرون من مستعمليه تدريجيا عن طابعه التنقيطي وبعضٍ من خصائصه الڭرافية الأخرى ك"التعقيد" و"الأمثلة الوظيفية" و"الإختزال الڭرافي" وغير ذلك من دقيق الظواهر التي قد لا يفهمها من يكتب له أن لم ينل حظا من المِراس في "الدراسات الكتابية" والفيلولوجيا. 

#ثانيها حيلة "اختلاق الأسماء التي لا مُسمّيات لها". و"اختلاق الأسماء التي لا مُسمّيات لها" هو أن يلجأ الجاهل المدعي إلى التعتيم على معاني نصوص تيفيناغ، فيقول لك مثلا: "إن اللفظة الفلانية إن هي إلا اسم لم يعد متداولا" أو "إن التعبير العلاني إن هو إلا تعبيرصار مع الوقت من مهمل المعجم الأمازيغي"، فيدفعك دفعا، وبدون دليل، إلا التسليم بصحة "قراءته" حتى ولو لم يقم عليها دليلا .. فيربط بعد ذلك القول غير المفهوم بالقول غير المفهوم ليركب بعد ذلك مِسخاً تأوّليا غريبا عجيبا قد يساير هواه وخياله. من ذلك مثلا أني لاحظت أن كثيرا من الجهال المدعين ميّالون إلى تأويل كلمات تيفيناغ القديمة على أنها "أسماء علم" لم تعد متداولة .. ولو كان المجال يسمح لذكرت لكم الكثير من عجيب هذه الأسماء الموهومة ك"برّو" و "خرّو" و"سوغا" وغير ذلك من الأسماء التي إن هي إلا أسماء سموها لا مرجِع لها في الواقع ولا مَرْجَحَ لها في موازين العقل.

#ثالثها ثالثها حيلة "التدليس بالفرار إلى مُجمل الصور والرموز". و"التدليس بالفرار إلى مجمل الصور والرموز" هوأن يكتفي الجاهل المدعي بتأويل الصور الإنسانية أو الحيوانية أو النباتية التي ترافق النص في نقيشة من النقائش، فيقول بعد ذلك "إنما تلك النصوص المكتوبة بتيفيناغ هي نصوص عتيقة مستغلقة فلا يمكنني قراءتها"، بل ويذهب، بعد الإقرار بجهله، إلى القول: "بل لا يستطيع أحد على وجه البسيطة أن يقرأها". فكأنما لسان حاله يقول: "عليك أن تكتفي بما جاد به هَوَايَ من التأويل للصور والرموز، فهذا أيقن الطرق إلى العلم ا لصحيح". من ذلك مثلا أن يدعي الجاهل أن ما يبدو كهيئة الشمس في صورة نقيشة من النقائش هو في حقيقته "مذنب" ضخم سقط في مكان النقيشة فسجل أحد أجدادنا سقوطه برسم المشهد على صخرة، فيرحل بتأويلها هذا من جريدة إلى جريدة، ومن قناة إلى قناة، يدغدغ عواطف الناس بزعمه أن أجدادهم "اكتشفوا علم الفلك"، فيتضح بعد دراسة نص مرافق لصورة الشمس أن المشهد المرسوم تجسيد بارع لبيت شعري أبرع، هو عين النص المرافق للصورة،  يتحدث فيه صاحبه عن شروق الشمس وزوال الليل البهيم لا عن سقوط "مذنب" من المذنبات.

#رابعها حيلة "الخبط". و"الخبط" هو  أن يتظاهر الجاهل المدعي من خلال كلامه بأن من يناظره لم يأت بدليل يستحق الفحص والتقويم إن كان ذا عوج، فيُرسل في الكلام إرسالا، حتى يتوهم من يقرأ له أو يستمع إليه أن الكلام الذي ينفيه الجاهل المدعي هو نفسه مجرد كلام مرسل، مثل كلامه، لا دليل عليه يوجِب التحقيق، ولا قرائن تؤيده تفرض التدقيق ... هذا هو "الخبط" يخبط به الجاهل كالمجنون ويتخبط فيه كالخنزير الأجرب الذي لا يهدأ مما مسه من "جرب" إلا بالمزيد من التخبط ... وبئس المصير.

تلكم أيها الأحبة هي الحيل الأربعة التي يلجأ لها الجهال المدعون ليثبتوا أقوالا لهم في معاني نصوص تيفيناغ القديمة لا دليل لهم عليها، أو لينفوا أقوالا لغيرهم في معاني تيفيناغ لا دليل عندهم يدفعونها به ... فيلجؤون للتغطية عن جهلهم بحيلة "التهويل الإصطلاحي"، هي حيلة قليل العلم، أو بحيلة "اختلاق الأسماء التي لا مُسمّيات لها"، هي حيلة المُخَرِّف، أو بحيلة "التدليس بالفرار إلى مُجمل الصور والرموز"، هي حيلة الأفّاقين (الضاربين في الأرض سعيا إلى الكسب)،  أو بحيلة "الخبط"، وهي حيلة مرضى النفوس.

فاحذروا قليلي العلم، المخرّفين، الأفاقين، مرضى النفوس ... نصوص تيفيناغ القديمة كنز لنا يستحق أن نحميه من كل هؤلاء ...

ما هو رد فعلك؟

0
like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow