خالد البكاري يتساءل هل أصبح المونديال مقدسا في أذهان المغربة وهل ستحل عائداته تحديات قطاع التعليم

خالد البكاري يتساءل هل أصبح المونديال مقدسا في أذهان المغربة وهل ستحل عائداته تحديات قطاع التعليم
هل أصبح المونديال من المقدسات؟.
يتهمون الناس بالشعبوية، وبالعاطفة، وبغياب الفكر النقدي، وحين ينتقد أو يتساءل المرء حول أي "مشروع" تقف وراءه اختيارات رسمية، يبدأون بوصم الناس بأنهم حمقى، أو يسيرون ضد مصلحة البلاد، عجبا.
التناقض أن تطلب من الناس ألا يقدسوا شيئا، ثم تنشر الإجماع القسري، وتقدس أشخاصا ومشاريع بشرية.
هاشتاغ #تعليم_الأجيال_قبل_المونديال لا يحتمل كل هذا الهجوم عليه، هو شعار بحمولة رمزية، هكذا فهمته.
شعار يجب أن يدفعنا بالفعل لنقاش حقيقي حول الأولويات في هذا البلد.
وهو شعار له سياقه: وزير الميزانية الذي يفتخر بأن المغرب قام بتأمين ما يطلبه دفتر تحملات المونديال، وما هو ملتزم به في إطار الملف الثلاثي، وهو تأمين بأموال "ماشي تترعرع بل تتزعزع"، هو نفسه الذي يبرر أن ميزانية الدولة لا تتحمل أكثر من 9،5 مليار درهم لحل ملفات في قطاع التعليم، كانت وما زالت واحدا من أسباب التوتر في القطاع، الذي ينعكس سلبا على الجميع: أساتذة وتلاميذ وأسرا، مع العلم أن مشاكل التعليم لا يمثل فيها مشكل النظام الأساسي سوى جزء بسيط (ومع ذلك لم يتم حله)، والحقيقة أننا مع قطاع يعيش السكتة القلبية على كل المستويات، سواء التعليم المدرسي أو الجامعي.
لست خبيرا في الاقتصاد، ولكن لنضع الأسئلة التالية، ولننتظر جوابا؟
هل هناك أي دراسة تقريبية لعائدات المونديال القادم وأرباحه، مقابل ما سينفق عليه؟
هل تلك الأرباح المفترضة يمكن أن نحل بها الهدر الذي سيقع لمدة سبع سنوات في التعليم والصحة مثلا؟ لأن البعض يطرح فرضية غريبة، أنه بأرباح المونديال، سنحل مشاكل التعليم والصحة والشغل؟!!
هل يدرك هؤلاء ما ثمن هدر سبع سنوات من التعليم فقط؟
هل بالفعل ستستفيد أوسع الفئات الاجتماعية من المونديال، أم أن استفادة أصحاب الأموال "التي تترعرع" (من الريع)، والذين سيغنمون من الصفقات ستكون الأكبر؟
هل بالفعل ستتطور البنية التحتية للبلد وفق احتياجاته، أم وفق احتياجات المونديال الذي لن يستمر أكثر من شهرين؟
بمعنى هل المدن الست التي سيقام بها المونديال هي الأكثر احتياجا للطرق والمستشفيات وباقي الخدمات؟
في جنوب إفريقيا مثلا فتح نقاش بعد المونديال حول أن المونديال عمق الفوارق المجالية أكثر.
دائما يقال لنا إن تنظيم التظاهرات الدولية الكبرى ينعكس إيجابا على المغرب.
طيب، ما هي حصيلة سنوات متتابعة من تنظيم مهرجان مراكش الدولي، ومهرجان موازين، وكأس العالم للأندية، وكأس إفريقيا للمحليين، ومؤتمرات كثيرة دولية؟ (الدفع بأن بعض هذه التظاهرات من تنظيم أوتمويل القطاع الخاص، دفع لا يستقيم، فالكثير من تلك الشركات الكبرى هي شركات تابعة للدولة، كما أن الدولة تضع إمكانياتها ومواردها البشرية في خدمة هذه التظاهرات، والكلفة المالية تكون باهظة).
هل تحسن وضعنا في ترتيب مؤشر التنمية البشرية؟
أغلب الدول التي نظمت كأس العالم، لم تكن لها مشاكل في تمويل التعليم والصحة، وكانت بنياتها التحتية تبتعد عنا بسنوات ضوئية حتى قبل تنظيمها للمونديال، ولذلك إذا بحثت عن أرباح وراءه، فلأنها تتوفر على رأس مال حقيقي.
فكيف تريد ارباحا، وانت لك رأسمال صغير، تجازف بتبديد جزء كبير منه في مغامرة لا يدري احد نهايتها؟
الذين يتحدثون عن التجربة الإسبانية، لا يعلمون أن فرانكو لم يترك دولة ضعيفة، ولا يعلمون أن إسبانيا حينها كانت مدعومة ماليا وسياسيا من السوق الأوروبية المشتركة لإنجاح انتقالها الديموقراطي، واندماجها في السوق الأوروبية.
مع العلم أن تنظيم المونديال في 1982، لم يكن يتطلب الميزانيات المرصودة له اليوم، بدليل أنه حتى المنافسة على تنظيمه لم تعد بتلك القوة، لأن أغلبية الدول بما فيها اقتصاديات قوية لم يعد يغرها الأمر، أما مونديال الأندية الذي نظمه المغرب أربع مرات، فلم تطلب أي دولة أوروبية احتضانه، بل تتركه للدول التي تعشق الواجهة (المغرب، قطر، الإمارات، السعودية).
لقد كان تقدم إسبانيا حاجة أوروبية، مع العلم أن الإسبان أنفسهم لا يردون نهضتهم الاقتصادية للمونديال حصرا.
يخسر المغرب سنويا 50 مليار درهم حسب تقديرات المندوبية السامية للإحصاء، وحسب منظمة ترانسبارنسي الدولية كذلك، فهل بالفعل سيستفيد الوطن من المونديال في ظل استمرار بنية الفساد المهيكل والمحمي؟
بمعنى، إذا استمرت هذه البنية (ولا مؤشر على أنها لن تستمر، يكفي تأمل الأحكام المخففة على ناهبي المال العام، هذا إذا وصلت للمحاكم)، ماذا سننتظر ممن سيشرفون على المونديال "مغربيا"، وهم جزء من هذه البنية استفادة أو حماية؟
لقد كشفت كورونا عن أرقام مخيفة بخصوص الفقر، وكشف زلزال الحوز على أن مناطق في المغرب، ليست خارج التنمية فقط، بل خارج التاريخ..
هل كل هذا سيحله المونديال الذي يتم تسويغه، كعصا موسى التي ستنتصر على كل الأشباح التي تعيق التقدم، والخوف هو أن يكون المونديال: تالسينت مكرر.
صرح إغناسيو الونسو رئيس الاتحاد الأوروغواياني لكرة القدم بعد سحب الملف المشترك مع الأرجنتين والباراغواي، لصالح ملف المغرب وإسبانيا والبرتغال، أن الحكومة قدمت كل دعمها لاتحاد الكرة من أجل أن تهدي للشعب الاحتفالية المئوية في البلد الذي احتضن اول نسخة، ولكن بعد مقارنة التكلفة المالية التي قدمها الملف المنافس، مع تلك التي بنينا عليها توقعاتنا، قررنا مع الحكومة أن الأفضل الانسحاب، لأن ما سيكلفه مجاراة الملف الآخر، الأولى أن يصرف في أولويات يحتاجها البلد.
للإشارة حكومة الأوروغواي الحالية حكومة يمينية، تدافع عن اقتصاد السوق، وليست يسارية.
لست ضد تنظيم المونديال، أو أي تظاهرة كبرى، إذا كنا بالفعل سنستفيد منها، مقارنة بما سننفقه، وإذا لم يكن ذلك على حساب أولويات الصحة والتعليم والعدالة الاجتماعية والمجالية.
طرحنا أسئلة فقط، ونتمنى أن يجيبنا ويقنعنا، من يستكثر رفع شعار: التعليم قبل المونديال.
بس: المرجو نقاش الفكرة بعيدا عن احتجاجات الأساتذة بسبب مطالبهم، لأن مشكل التعليم أكبر من النظام الأساسي ( لي خاص يتلقا ليه حل مستعجل).

ما هو رد فعلك؟

0
like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow