كيف تسرق منك الرأسمالية سعادتك !

كيف تسرق منك الرأسمالية سعادتك !

إن عالمنا اليوم مُصمّم لنزع السعادة من الناس، واستلاب شعور الإطمئنان منهم، لأن السعادة لا تخدم مصالح الرأسمالية المتوحشة.. 
فمن أجل جعلهم كائنات مهزوزة الثقة، تم خلق نماذج موحدة للجمال، والنجاح، وقتل التفرد في شخصياتهم وأشكالهم.. فمعيار الجمال لدى النساء، هي الأنثى الشقراء ذات القوام الممشوق، وذات طول معلوم، و أسنان متراصة ناصعة البياض، وذات ملامح محددة، على مقاس ما ينشرونه في المجلات وعبر شاشات التلفاز.. إنهم يُشيّئون المرأة وينزعون منها شعور الرضا، ويخلقون عيوبا موهومة في جسدها،  لتسعى جريا وراء مستحضرات التجميل، وعمليات التسمين والتكبير أو التخسيس، لتماثل معيار الجمال المزعوم، وتصير نسخة طبق الأصل منه، مجردة من تفردها الاصيل..

ونموذج الرجل الناجح والمثالي في عالمنا المريض، هو الرجل الثري، لا تهم شهامته ولا ثقافته ولا أصالته، إنهم يختزلون رجولة المرء في جيبه، ويحصرون كماله في ممتلكاته، ليفقد الشاب اطمئنانه ويجري لاهثا وراء المال، ويستعبده الدرهم سعيا إليه بكل الطرق وبأي ثمن.. هكذا كي يماثل نسخة الرجل المثالي المزعومة..
ومن أجل جعلهم كائنات استهلاكية لاستنزاف جيوبهم، تم ترسيخ هوس الإستهلاك في أدمغتهم وعبر إثارة الرغبة في المزيد، ليس لأنهم بحاجة إليه، إنما إرضاء لنظرة المجتمع القائمة على التباهي، ومسايرة للموضة وخضوعا لسلطة "الماركة".. 
ومن أجل  استغباء الناس  واستعبادهم، تم تدجين عقولهم بشكل مدروس عبر البرامج التافهة، وتسليط ضوء الشهرة على الحمقى والأغبياء، وتنصيبهم كأعلام وقدوات..

إن هذا العالم مختل المبادى والأركان، فلا تدعه يسلب منك اطمئنانك، وتميزك، لا تسمح له أن يزعزع ثقتك في نفسك وفي شكلك، فجمالك في تفردك، و كمالك في اختلافك.. ولا تتركه يُشيّئك، ويجل منك رقما استهلاكيا لاغير، أنت كائن حر وعاقل، وحدك تصنع سعادتك، ووحدك تحدد معايير نجاحك..
فلا ترضى أن تكون مجرد نسخة على الهامش.. 
كن حرا وكفى..
عَبدُالرحمان جُوخْران

ما هو رد فعلك؟

0
like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow