"غاياتري سبيفاك" الناقدة الأدبية الأكثر تأثيرا في العصر الحالي ذات الأصول الهندية :نبذة عن سيرتها الذاتية و أهم الأفكار

"غاياتري سبيفاك" الناقدة الأدبية الأكثر تأثيرا في العصر الحالي ذات الأصول الهندية :نبذة عن سيرتها الذاتية و أهم الأفكار
"غاياتري سبيفاك" الناقدة الأدبية الأكثر تأثيرا في العصر الحالي ذات الأصول الهندية :نبذة عن سيرتها الذاتية و أهم الأفكار

حينما طلب إليها تعريف نفسها، اكتفت بالقول إنها مفكرة أخلاقية عابرة للثقافات. 
إنها البنغالية «غاياتري سبيفاك» التي ولدت في كلكتا في البنغال الغربي في 1942 لعائلة من الطبقة الوسطى، وعلى هذا فهي تنتمي الى الجيل الأول من مثقفي الهند بعد الاستقلال، درست الإنجليزية في جامعة كلكوتا، ورحلت الى الولايات المتحدة الأميركية في عام 1960 لدراسة الأدب المقارن، فنالت الماجستير، وأعدت أطروحتها للدكتوراه حول الشاعر «ييتس» وصدرت في كتاب بعنوان:  «حياتي التي يجب أن أعيد خلقها...» 

إنها صاحبة البحث الشهير جدا عنوانه:  «هل يستطيع التابع أن يتكلم؟» نشر في عام 1988.
وخلال عقدين نوقش هذا البحث، وحلل، في عشرات من الدراسات، والمناظرات، والمؤتمرات، فارتبطت دراسات التابع به، حيثما أثير الجدل الثقافي حول الهويات الثقافية، ومفهوم التبعية الخارجية «الاستعمارية» والتبعيات الداخلية «الطبقية». 

جاء البحث بصيغة السؤال « هل يستطيع التابع أن يتكلم » ؟ ولأول وهلة، يبدو وكأنه نوع من الاستفهام الاستنكاري، فمن الطبيعي أن يتكلم التابع، فهو كائن بشري يستطيع الكلام، والكتابة، والتعبير، لكن مؤدى الفكرة التي تريد سبيفاك طرحها هو هل توفرت السياقات الثقافية المؤاتية للتابع لكي يتكلم؟ 

تنتقد سبيفاك كَاتبي التاريخ الهندي، سواء في الحقبة الاستعمارية البريطانية أو بعد الاستقلال، حيث تُنسب أي إنجازات ثقافية أو قومية، إلى الإداريين والحكام البريطانيين، ومن بعدهم النخبة البرجوازية سواء الاقتصادية أو الثقافية، فيما وصفتهم سبيفاك بـ "المُخبرين المحليين"، في تهميش كبير لفئات من الشعب الهندي، (الفلاحين والعمال والفقراء والمعدمين) دافعت عن استقلالها، أرضا وثقافةً،  وليس لها موقع ضمن سياق التاريخ الرسمي للنخب القومية في دولة ما بعد الاستعمار.

وسؤال سبيفاك يتخطى المستوى المباشر الى آخر فلسفي متعال، فهي تتحدث أيضا عن إمكانية حقيقة لتأثير كلام التابع وصدقه، إذ ليس كل كلام يحمل الحقيقة، فحديث التابع محاط بسياقات ضاغطة من ثقافات أخرى تجعله غير قادر على التعبير عن الحقيقة، فقد جرى التواطؤ، بسبب السياسات الاستعمارية، على أن التابع غير قادر على تمثيل نفسه، ولا بد أن تمثله السلطة الاستعمارية، ولهذا تتناقض الإمكانية أمام التابع ليقول شيئا حقيقياً ! 

تُشير غاياترك أيضا إلى مدى صمت النساء من الفئة التابعة، حيث ترصد سبيفاك، أن تابعين ما بعد الاستعمار، لا يملكون تاريخا ولا يمكنهم الكلام، والتابع المؤنث في هذه الحالة، تكون أكثر وأعمق تهميشا وصمتا من التابع الذكر، بل وازديادا على هذا البؤس، تواجهه التابع المؤنث، في وقتٍ ما اضطهادا آخر، كوّنها امرأة، إذ توضح لنا ذلك من خلال كشف طقوس حرق النساء لأنفسهن  إثر موت رجالهن، وهو طقس معروف في الهند، يسمى «Sati» فثمة تضافر بين الهيمنات الكبرى للنصوص الدينية الهندوسية المشجعة على حرق المرأة، وبين فكرة تبعية المرأة للرجل بفعل هيمنة الثقافة الذكورية، ثم هيمنة الأبوية، والهيمنة الاستعمارية، ومادام صوت التابع، وهو هنا المرأة التي وجدت أن فكرة الحرق تعبير عن الوفاء، مخنوقا وسط دوائر متضافرة من الحجب والمنع، فهو إذن صوت صامت، ومحكوم بالفشل، لأن قوة المتبوعين، سواء كانوا تقاليد دينية، أو ثقافة أبوية، أو ثقافة استعمارية تحول دون انبثاق صوت التابع.
تنتمي «غاياتري سبيفاك»  إلى تيار  كتابة « التاريخ من تحت»  بصوت الفئات الأقل حظًّا، وهي الفئات التي لم يسمح لها بالكلام لوقت طويل ! مع الحذر من  استعمال منطق وأدوات النخب المهيمنة.
في منطقتنا  ما زالت دراسات التابعين مُهمّشة، بالرغم من أنّها تحمل الكثير من الحكايات والمفاهيم والممارسات، التي شكّلت وسَتُشكل أحداث كثيرة وفارقة.

ما هو رد فعلك؟

0
like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow