عبد الله بوشطارت ردا على الهجوم السلفي على التدين المحلي الذي أعاده موسم "لآلة تاعلات" للواجهة

عبد الله بوشطارت ردا على الهجوم السلفي على التدين المحلي الذي أعاده موسم "لآلة تاعلات" للواجهة

صراع متجدد

قال عبد الله بوشطارت، دكتور باحث في التاريخ، إن “هذا صراع تاريخي قديم وليس وليد اللحظة، إذ يعود تاريخه إلى وصول أفكار التيار الوهابي والسلفي للمغرب خلال نهاية القرن الثامن عشر، حتى إن السلطان مولاي سليمان اقتنع بهذه الأفكار وحاول رفض تنظيم بعض المواسم الدينية حينها”، وزاد: “كما تفجر هذا الصراع بشدة بين السلفية المتشددة الوافدة من المشرق والإسلام الأمازيغي المغربي منذ اللحظة الأولى لنشأة ما تسمى الحركة الوطنية بالمغرب نهاية العشرينيات من القرن الماضي”.

وأضاف بوشطارت أن “هذه الأفكار السلفية المنغلقة كانت سبب الصراع بين العلامة والمؤرخ المختار السوسي وبعض الشباب من أبناء فاس والرباط الذين اقتنعوا بهذه الأفكار، بحكم أن الأول كان ينتمي إلى الزاوية الدرقاوية التي أسسها والده الحاج علي الدرقاوي في سوس، وكان شباب السلفية الوطنية آنذاك يعتبرون أن الطرق الصوفية بدعة، ويدعون إلى محاربتها وإغلاقها، كما يناهضون تنظيم المواسم الدينية بالأضرحة والمزارات كما اعتاد المغاربة منذ قرون طويلة”.

وأوضح المصرح لهسبريس أن “هذا الصراع القديم يتجدد في كل لحظة، بين منظومتين مختلفتين ومتناقضتين، بين السلفية الوهابية المستوردة من المشرق وبين منظومة الإسلام المغربي المحلي الذي تعايش مع خصوصيات ثقافية مغربية منذ أبعد الفترات، ونسميه نحن الإسلام الأمازيغي، لأنه حصل تمازج واستيعاب بين الإسلام كدين وشرائع وأحكام وبين الثقافة الأمازيغية كأعراف وعادات وطقوس ولغة وحضارة، وبالتالي تم التأسيس لنموذج من التدين المحلي المنفتح والمتسامح والقائم على الوسطية والاعتدال”.

ولفت الباحث ذاته إلى أنه “من بين نماذج هذا التأقلم: الطرق الصوفية وظاهرة الصلاح والبركة والولاية التي يتشبث بها الأمازيغ بشدة، فزيارة الأضرحة وتقديسها والعناية بها هي ميزة المجتمعات الأمازيغية، ولها ارتباط بتاريخ الديانات في شمال إفريقياـ وأيضاً بمراحل تحول الأمازيغ من اعتناق ديانات محلية إلى اعتناق ديانات سماوية”، مشيرا إلى أن “عملية التحول من دين إلى آخر مرت عبر فترات تاريخيّة طويلة وبصعوبات كبيرة، لذلك تركت امتدادات ثقافية في المجتمع وأصبحت بنيات ثقافية قائمة لم يستطع الإسلام محاربتها وإنما تأقلم معها لكي يستطيع الانتشار داخل المجتمعات الأمازيغية في الجبال والواحات والصحراء”.

وأوضح المتحدث ذاته أن “العلماء والفقهاء المتمكنين من الشريعة والفقه لم يَنهوا عن هذه الممارسات الثقافية في الإسلام الأمازيغي، التي تعتبر اليوم من خصوصيات المغرب في الانفتاح والوسطية والاعتدال، كما أن المذهب المالكي نفسه لا يعارضها”، معتبرا أنه “مع انتشار المد السلفي والوهابي المنغلق بفعل الانفجار التكنولوجي والتواصل الفوري أصبح البعض يهاجم الممارسات الثقافية التي تدخل في صميم الإسلام الأمازيغي الذي يعطي للمغرب الفرادة والقوة والصلابة”.

ودعا الباحث عينه “الدولة المغربية والمجتمع إلى التصدي لهؤلاء لأنهم ينشرون أفكار الانغلاق والكراهية ويروجون لأفكار بعيدة كل البعد عن البيئة المغربية بمهاجمة العلماء والفقهاء، ولم يسلم من هجومهم حتى وزير الأوقاف الذي حضر موسم تاعلات في زيارة رسمية، وبالتالي فهم يهددون اللحمة الوطنية وأسس الإسلام المعتدل والوسطي الذي يدعو إلى الانفتاح والليونة والتسامح، وإلى احترام الخصوصيات الثقافية”.

ما هو رد فعلك؟

0
like
0
dislike
0
love
0
funny
0
angry
0
sad
0
wow