هل بالفعل الانسان مركز الكون؟ وهل تدجين الحيوانات سلوك أخلاقي؟ صبري تجيب
أواصل الحديث عن فلسفة الأخلاق بين الإنسان والحيوان، وكما عادتي في التطرق إلى المواضيع المسكوت عنها أو التفاصيل التي لا تثيرالإنتباه وتغطى بغشاء سميك من المسلمات، أحاول استفزاز العقول على التفكير من منظور مختلف وجديد.
من بين المسلمات التي نشأ عليها الفرد فكرة أن الإنسان هو مركز الكون، وهو سيده، وهذا غير صحيح، الواقع يثبت ذلك، الإنسان هو لاشيئ بالمقارنة مع الطبيعة والكون، هو خاضع للطبيعة، حتى فكرة أن الإنسان يسيطر على الطبيعة تصور ساذج و مغرور، هذا الكائن المسمى عاقل يتوهم فقط بأنه المسيطر، حتى القوانين التي يكتشفها هي نتيجة خضوعه للطبيعة والإستسلام لها، الإنسان هو جزء من الطبيعة، هويته مرتبطة بها، لا يستطيع الإنفصال عنها، وذكائه ليس مصدر قوته، قد يساعده في تدبير أمور حياته الأساسية ويسهل عليه المشقات، لكن غالبا ما ينقلب عليه ذكائه ويسبب له مشاكل، هذا الذكاء يحتاج إلى توجيه بالوعي وجداني (محبة - شفقة)، فجهازه العصبي متطور جدا، وليست له قدرة على تهدئة أفكاره وحل مشاكله النفسية، لذلك أعتبر الإنسان مجرد زائدة دودية على هذه الأرض، يمكن للحياة أن تستمر بدونه، هو ليس حلقة ضرورية للحياة، بل سأذهب أبعد من ذلك وأقول بأنه خطر على الحياة نفسها، البعوض أكثر أهمية منه، لو إنقرض البعوض سيسبب ذلك خللا في الحياة وفي الدورة الإيكولوجية، هذا الكائن المتذاكي يكفي أن يصدمه نيزك لينه قصته المأساوية.
لدي موقف خاص من تربية وتدجين الحيوانات، بالنسبة لي أعتبر هذا العمل سلوك استبدادي وحشي ضد هذه المخلوقات، ليس لدى الإنسان أي مبرر مقنع يسوغ له فعل ذلك، يعتبر نفسه متحضرا، والكائنات الأخرى متوحشة، مع بني جنسه يتعامل بانسانية، لماذا لا يعامل الحيوانات بنفس المعاملة؟، لأنه الأكثر ذكائا وتطورا، فالغلبة والشرعية لمن لديه ذكاء متطور، هل هكذا تقاس الأخلاق، أليس الإنسان متوحشا أيضا إزاء الآخرين؟، الإنسان يشرعن معاملة أخاه الإنسان معاملة جيدة وفيها عدل ومساواة لأنه يمتلك دماغا متطورا مثله، لو أخدنا بهذا المقياس هل لو مثلا ظهرت كائنات فضائية أكثر تطورا من الإنسان، و وجدت لحمه لذيذا وشهيا، أليس من حقها أكله؟.
تربية الحيوانات هي عبودية مثل عبودية الإنسان لأخية الإنسان، لماذا نفرض على الحيوانات التخلي عن حريتها؟، لماذا نقيدها ونسجنها في أقفاص، لا يوجد حيوان يقبل أن تقيد حريتها، جرب أن تصطاد طائرا وضعه في قفص وراقبه كيف يعاني، نحن نربي الحيوانات ليس لأننا نحبها، لا، نحن نريد امتلاكها، وفرق بين الإمتلاك والحب، الحب يكون مع الحرية، لهذا السبب لا أحب تربية الحيوانات، أفضل مشاهدتها وهي حرة طليقة في الطبيعة ومتناغمة معها، وهنا يتجلى جمالها و روعتها.