■ ما هو الحب؟ وما علاقة الزواج بالحب؟ وهل الزواج مقبرة للحب؟ وما علاقة الحب بالمجتمع والثقافة والفن؟
■ لنجيب عن الأسئلة أعلاه دعونا نبدأ بسيغموند فرويد، فحسب فرويد الحب هو تعبير عن الرغبة الجنسية، و يقول أيضاً أن الحضارة البشرية نشأت في الأساس نتيجة الكبت الجنسي..
اذاً الكبت الجنسي يصنع الحب ويؤججه...وبالتالي الحب هو من يصنع الحضارة..و على رأس المنتجات الحضارية التي يصنعها الحب هو الفن..
و بما أن فرويد يعتبر الغريزة الجنسية هي غريزة موت وفناء لأنها تعمل ضد الوظائف الحيوية الطبيعية للإنسان، فالإنسان حينما يمارس الجنس يتذوق الموت والفناء بشكل حرفي.. ولكنها في الوقت نفسه هي من تسبب خلود الإنسان...فالحياة تولد من قلب الموت...و لان الحب كما قلنا هو منبثق من كبت الغريزة الجنسية لذلك هو يحمل بأعماقه نزعة الخلود..كما يحمل نزعة التمرد على السوبر إيغو (أي المجتمع) الذي يكبت هذه الغريزة ليصنع من خلالها الحضارة و يحقق الخلود..علاقة معقدة وتتسم بالتناقض في جوهرها...ككل الاشياء في الكون..
الفيلسوف شوبنهاور يقول ان الغريزة تولد الرغبة..والرغبة تولد الدافع للحياة...ولكن ممارسة وتحقق هذه الرغبة بشكل متكرر سيولد الملل او السأم وبالتالي الفتور..ولما كان الزواج يعني حتما ممارسة متكررة سيخلق حتما هذا الملل والفتور وبالتالي سيكون مقبرة للرغبة أو الحب..وهنا لا نحصر هذا السأم بالزواج فقط بل بأي علاقة متكررة خالية من التجديد حتى لو كانت خارج مؤسسة الزواج..
من ناحية أخرى يرى ماركس وفريدرك إنجلز ان الزواج و الأسرة نشأت في الأساس بسبب نشوء ظاهرة الملكية في المجتمع الزراعي..فالسلطة الذكورية التي تريد امتلاك الأرض عليها تمتلك النساء أيضاً والاولاد مع هذه الأرض ضمن ظاهرتي الزواج والأسرة..وعليه فإن مؤسسة الزواج فيها نزعات استعبادية في اعماقها.. وبالتالي الحب هو تحدي وتمرد على هذا الاستعباد...تمرد على تشييء الإنسان وتحويله لسلعة...ومن هنا نجد فكرة قتل الأب الفرويدية حيث يقوم الابناء بقتل الاب المسيطر على نساء القبيلة وهي رمزية على الثورة والتمرد على الملكية الفردية التي خلقت الاستبداد من الأسرة باتجاه الدولة وهي تنسجم مع الفلسفة الماركسية..
إيريك فروم يرى أن محاولة امتلاك الآخر في الحب و التي ينشأ عنها الغيرة هي من تقتل الحب، والحب الناجح هو الحب المتوحد الذي يحمل في أحشائه الثنائية..اي بلغة التصوف: الوحدة في التعدد...وهو شيء صعب جدا تحقيقه..
جان بول سارتر يرى ان الحب هو صراع بين حرية و حرية، وكل حرية تريد ان تقتنص الآخر، ويقول أيضا: ان الانسان من خلال الجنس يريد ان يقتنص حرية الآخر..ان يتملكه..ولكن الجنس في الحقيقة لا يعطيك إلا مليكة الجانب التافه والسطحي من الآخر ألا وهو الجانب الجسدي...ويشبه ذلك كمن امتلك معطف احد الأشخاص، فامتلاك الجسد بالجنس لايعني ابدا امتلاك الروح...فشرط الروح هي الحرية وليس التملك..لذلك ينتهي الحب في نظرة سارتر بما يشبه العلاقة الماسوشية-السادية اي طرف يسيطر على الآخر..
أي الحب هو صراع حرية...ويبقى هذا الصراع قائما طالما لم يحسم من أحد الطرفين..
بالنهاية انا أرى الحب هو انكشاف على الآخر..فيكون كل منا مرآة للآخر...أرى نفسي من خلالها...وترى نفسها من خلالي عاريين تماماً بدون اي تزييف...ورغم كل عيوبنا و نواقصنا و رغم كل شيء يقول كل منا للآخر:
أنت في مأمن معي..
هكذا فقط نكتمل و ننمو و نستريح..
0
0
0
0
0
0
0